للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: وقول الزهري علقة البخاري في صحيحه تحت باب (المشي إلى الجمعة وقول الله - جل ذكره -: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩]).

وعلق أثارًا ثم قال: وقال إبراهيم بن سعد عن الزهري: «إذا أذن المؤذن يوم الجمعة وهو مسافر فعليه أن يشهد».

قال الحافظ (٢/ ٣٩١) ما نصه: «لم أره من رواية إبراهيم، وقد ذكره ابن المنذر عن الزهري، وقال: إنه أختلف عليه فقيل عنه مثل قول الجماعة إنه لا جمعة على المسافر، كذا رواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري.

قال ابن المنذر: «وهو كالإجماع من أهل العلم على ذلك؛ لأن الزهري أختلف عليه فيه». اهـ.

ويمكن حمل كلام الزهري على حالتين:

فحيث قال: «لا جمعة على المسافر» أراد على طريق الوجوب.

وحيث قال: «فعليه أن يشهد» أرد على طريق الاستحباب (١).

ويمكن أن تحمل رواية سعد بن إبراهيم هذه على صورة مخصوصة، وهو: إذا أتفق حضوره في موضع تقام فيه الجمعة فسمع النداء (٢) لها، لا إنها تلزم المسافر مطلقًا حتى يحرم عليه السفر قبل الزوال من البلد الذي يدخلها مجتازًا مثلًا، وكأن ذلك رَجَحَ عند


(١) هذا الحمل من الحافظ ضعيف غريب، وكلام الزهري واضح من نقله عن ابن المنذر، فالمسافر عند الزهري له حالتان:
(أ) أن يكون حاضرًا فيسمع النداء فعليه الحضور (وهو محل البحث) ونُقُول الأئمة عن الزهري إنما في هذه الصورة.
(ب) ألا يكون كذلك فليس على المسافر جمعة.
وقد فطن ابن المنذر وحمل قول الزهري فليحضر معهم، يعني إذا كان في بلد على الاستحباب، حتى لا يخالف قول أهل العلم في إسقاط الجمعة عن المسافر. فافهم.
(٢) قلت: هذا صريح فتوى الزهري لمعمر عند عبد الرازق والحافظ لم ينسبه له وتقدم.

<<  <   >  >>