فلم يخص مقيمًا من المسافر، وأما ما احتج به ابن المنذر على سقوط الجمعة عن المسافر بكونه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر والعصر جمعًا بعرفة وكان يوم الجمعة، فدل ذلك من فعله على أنه لا جمعة على المسافر فهو عمل صحيح إلا أنه لا يدفع الصورة التي ذكرتها. أهـ.
وقال الموفق (٣/ ٢١٦): «وأما المسافر فأكثر أهل العلم يرون أنه لا جمعة عليه كذلك قال مالك في أهل المدينة، والثوري في العراق، والشافعي وإسحاق وأبو ثور، وروى ذلك عن عطاء، وعمر بن عبد العزيز، والحسن، والشعبي، وحُكِي عن الزهري، والنخعي أنها تجب عليه؛ لأن الجماعة تجب عليه فالجمعة أولى، ولنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسافر فلا يصلي الجمعة في سفره، وكان في حجة الوداع بعرفة يوم الجمعة فصلى الظهر وجمع بينها ولم يصل جمعة، والخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم - كانوا يسافرون للحج وغيره فلم يصلِ أحدًا منهم الجمعة في سفره، وكذلك غيرهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم.
وقد قال إبراهيم: كانوا يقيمون بالري السنة وأكثر من ذلك وبسجستان السنين لا يجمعون ولا يشرقون - ثم ذكر أثر أنس وعبد الرحمن بن سمرة وتقدما -.
ثم قال: وهذا إجماع من السنة الثابتة فيه فلا يسوغ مخالفته ... إلى أن قال (٣/ ٢٢٠): والأفضل للمسافر حضور الجمعة؛ لأنها أفضل».
ونقل ابن عبد البر في الاستذكار (٥/ ٧٦) الإجماع على أنه ليس على المسافر جمعة.
قال ابن حزم في «المحلى»(٥/ ٤٩): «وسواء فيما ذكرنا في وجوب الجمعة للمسافر في سفره والعبد والحر والمقيم ... إلى قوله (ص ٥١): قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا