للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا، حَتَّى غَابَ القُرْصُ، وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ حَتَّى إنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ اليُمْنَى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ، السَّكِينَةَ»، وَكُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنَ الحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتَّى تَصْعَدَ ...)

ومما ينبغي أنْ يعلم أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف ذلك اليوم مفطرًا كما ثبت عنه في الصحيح أنه شرب شيئًا من اللبن (١)، وجاء عنه في السنن «أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة» (٢)

لكن في إسناده إبراهيم بن مهدي الهجري وضعفه غير واحد وذكر العقيلي هذا في منكراته، فالحديث لا يثبت لكن الصيام مكروه.

وروى مالك في موطئه عن عائشة - رضي الله عنها - بإسناد صحيح (أنها كانت تصوم يوم عرفة بعرفة) (٣) والسنة خلاف هذا، فهذا من اجتهادها.

وهذا اليوم هو أعظم الأيام وينبغي للإنسان أن يهتبل (٤) هذه الفرصة العظيمة وهذا اليوم وهذه العشية فلا تذهب عليه سُدى.


(١) رواه البخاري (١٥٧٥، ١٥٧٨، ومواضع) ومسلم (١٢٣)، من حديث أم الفضل - رضي الله عنها -: «أن ناسا اختلفوا عندها يوم عرفة في صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم، فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره فشربه».
(٢) رواه أبو داود (٢٤٤٠)، وابن ماجه (١٧٣٢)، وأحمد (٢/ ٣٠٤، رقم ٨٠٨١)، وابن خزيمة (٢/ ٢٩٢)، والحاكم (١/ ٦٠٠)، والطبراني في الكبير (٣/ ٨١ رقم ٢٥٥٦)، والبيهقي في الكبرى (٤/ ٢٨٤ رقم ٨١٧٢، ٨١٧٣، ٥/ ١١٧ رقم ٩٢٥٥)، وقال: كذا رواه أبو داود الطيالسي عن حوشب وفي حديث أم الفضل كفاية، والنسائي في الكبرى (٢/ ١٥٥ رقم ٢٨٣٠)، وأبو نعيم في الحلية (٣/ ٣٤٨)، وقال: هذا حديث غريب من حديث عكرمة تفرد به عنه مهدي وعنه حوشب، وانظر التلخيص (٢/ ٢١٣ رقم ٩٢٩).
قال العلامة الألباني في تعليقه على صحيح ابن خزيمة: إسناده ضعيف لجهالة العبدي واسمه مهدي بن حرب قال ابن معين وأبو حاتم: لا أعرفه.
ومما ورد في هذا الباب:
- ما رواه النسائي في السنن الكبرى (٢/ ١٥٦ رقم ٢٨٣٢) قال: أنبأ إسحاق بن منصور قال أنبأ عبد الرحمن قال حدثنا سفيان وشعبة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن عبيد بن عمير قال: كان عمر ينهى عن صوم يوم عرفة.

- وما رواه الترمذي (٧٥١)، وقال حديث حسن، وأحمد (٢/ ٤٧ رقم ٥٠٨٠)، والدرامي (١٧٦٥)، وابن حبان (٨/ ٣٦٩ رقم ٣٦٠٤)، وأبو يعلى (٩/ ٤٤٥ رقم ٥٥٩٥)، وعبد الرازق (٤/ ٢٨٥ رقم ٧٨٢٩)، وابن شيبة (٣/ ١٩٥ رقم ١٣٣٨٠) أن ابن عمر - رضي الله عنه - سُئِل عن صوم يوم عرفه فقال: «حججت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يصمه، وحججت مع أبي بكر فلم يصمه، وحججت مع عمر فلم يصمه، وحججت مع عثمان فلم يصمه، وأنا لا أصومه ولا أمر به ولا أنهى عنه»، وإسناده صحيح كما ذكر العلماء.
(٣) رواه مالك في الموطأ (١/ ٣٧٥ رقم ٨٣٦)، وعبد الرزاق في مصنفه (٤/ ١٥٧ رقم ٧٣١٠)، وابن أبي شيبة (٢/ ٣٤١ رقم ٩٧١٥).
(٤) يهتبل: يغتنم.

<<  <   >  >>