للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نقول: لا. يمكن أن يكون مفردًا ويسوق الهدي حينئذ وليس بواجب، لكنه يمكن أن يسوق الهدي وليس بقارن، فإذا ساق الهدي يستحب أن يكون قارنًا تأسيًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقول عائشة - رضي الله عنها -: (وأهل النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحج) هذا في ظنها وعلمها؛ لأنه لما جمع بين الحج والعمرة وكان فعلهما واحدًا ظنت أنه أهل بالحج، وإلا قد جاء في حديث ابن عمر في الصحيحين (١) وحديث ابن عباس أنه قال سمعت عمر يقول: لما أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وادي العقيق (٢) أتاه جبريل في هذا الوادي وقال: «صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة» (٣) وجاء تأييد ذلك في حديث أنس (٤) أيضًا، وغير ذلك الكثير مما يدل جزمًا على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان قارنًا.

ففي هذا الحديث التخيير بين الأنساك الثلاثة التي لا رابع لها.

وفيه أن المتمتع إذا قدم يبدأ بالعمرة مباشرة لا يتشاغل بغيرها، وأما قولها (أَوْ جَمَعَ بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ) هذا مخصوص بمن ساق الهدي ليس عامًّا.

وفيه أن الإنسان يسمي نسكه، وتسمية النسك ليس جهرًا بالنية كما في الإفراد يقول: (لبيك حجًا)، والتمتع يقول: (لبيك عمرة)، والقارن يقول: (لبيك عمرة وحجًا)، وأما قول بعضهم في التمتع: (لبيك عمرة متمتعًا بها إلى الحج) فهذا لم يثبت ولا نعلم له أصلًا.


(١) رواه البخاري (١٤٩١)، ومسلم (١٢٢٩).
(٢) (وادي العقيق) قرب البقيع بينه وبين المدينة أربعة أميال، ومعنى العقيق الذي شقه السيل قديمًا من العق وهو: الشق.
(٣) رواه البخاري (١٤٦١).
(٤) انظر صحيح مسلم (١٢٥١).

<<  <   >  >>