للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن مسعودٍ: فقرأت عليه سورة النساء، حتى بلغت: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: ٤١]، قال: (أمسك)، فإذا عيناه تذرفان! (١).

ومن السبعة الذين يظلُّهم الله في ظلِّه، يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: «ورجلٌ ذكر الله خاليًا، ففاضت عيناه» (٢).

وهكذا تأتي موعظة أبي موسى - رضي الله عنه - متَّفقةً مع هذا الهدي النبويِّ، بل مع هدي الأنبياء جميعًا، حيث قال: «ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا»؛ أي: حاولوا أن تدرِّبوا نفوسكم على هذا، بأن «يحضر قلبه الحزن، فمن الحزن ينشأ البكاء .. ووجه إحضار الحزن: أن يتأمَّل ما في كتاب الله من التهديد والوعيد، والمواثيق والعهود، ثم يتأمَّل تقصيره في أوامره وزواجره؛ فيحزن لا محالة ويبكي، فإن لم يحضر حزنٌ وبكاءٌ كما يحضر أرباب القلوب الصافية، فليبك على فقد الحزن والبكاء؛ فإنَّ ذلك أعظم المصائب!» (٣).

والذي يُرجى ويؤمَّل من فضل الله ورحمته، أنَّ من بكى في هذه الدار خوفًا من الله وعذابه، أنَّ الله لا يجمع عليه البكاءين.

• ومن مواعظه - رضي الله عنه - قوله (٤):

«إنَّما أهلك من كان قبلكم هذا الدِّينار والدِّرهم، وهما مهلكاكم». هذه الموعظة من أبي موسى قبسٌ من آثار النبوة ... فالتنافس على


(١) البخاري ح (٤٥٨٢) مسلم ح (٨٠٠).
(٢) البخاري ح (٦٦٠) مسلم ح (١٠٣١).
(٣) إحياء علوم الدين (١/ ٢٧٧).
(٤) حلية الأولياء، وطبقات الأصفياء (١/ ٢٦١).

<<  <   >  >>