الدُّنيا وشهواتها -ومن أشدِّها الدينار والدرهم -هو الذي أهلك من كان قبلنا، فإن تنافسنا فيها تنافسًا غير شرعيٍّ، وخلاف ما رسمته لنا الشريعة، فالسُّنَّة الإلهية ماضيةٌ.
ولهذا؛ لمَّا سمع الأنصار بقدوم أبي عبيدة بمالٍ من البحرين، وافوا صلاة الفجر مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف، فتعرَّضوا له، فتبسَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآهم، ثمَّ قال:(أظنُّكم سمعتم أنَّ أبا عبيدة قدم بشيءٍ من البحرين؟)، فقالوا: أجل يا رسول الله، قال:(فأبشروا وأمِّلوا ما يسرُّكم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكنِّي أخشى عليكم أن تبسط الدُّنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم)(١).
ومن تأمَّل واقع الناس وما أحدثه هذا التنافس، أدرك معنى هذا الحديث!
وإنَّ الإنسان ليحزن أن يتخاصم أخوان، أو والدٌ وولده أمام القاضي على لُعاعةٍ من الدُّنيا! تتقطَّع بها أواصرهم، وتتفصَّم عرى المودَّة بينهم، فيمتدُّ الأثر إلى جيلٍ أو جيلين من تلك الأسرة! وهل هذا إلا الهلاك؟!
رضي الله عن أبي موسى، وجزاه الله خير ما جزى ناصحًا عن ناصحيه، وجمعنا به في دار كرامته.