للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مات بطاعون عمواس بالشام شهيدًا -في خلافة عمر -وهو ابن ثمانٍ وثلاثين، وقيل: ثلاثٍ، وقيل: أربع وثلاثين (١)؛ إنَّه معاذ بن جبل بن عمرو بن أوسٍ الأنصاريُّ ثم الخزرجيُّ، إمام الفقهاء، وكبير العلماء.

• لقد ظهر أثر العلم على شخصية معاذٍ - رضي الله عنه - في مواعظه التي سنذكر بعضها، ومن ذلك هذه الموعظة البليغة في الحثِّ على تعلُّم العلم، وبيان ثمراته في الدُّنيا قبل الآخرة، حيث يقول - رضي الله عنه - (٢):

«تعلَّموا العلم؛ فإنَّ تعلُّمه لله تعالى خشيةٌ، وطلبه عبادةٌ، ومذاكرته تسبيحٌ، والبحث عنه جهادٌ، وتعليمة لمن لا يعلم صدقةٌ، وبذله لأهله قربةٌ؛ لأنَّه معالم الحلال والحرام، ومنار أهل الجنة، والأنس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدِّث في الخلوة، والدليل على السَّرَّاء والضَّراء، والسلاح على الأعداء، والزَّين عند الأخلَّاء، يرفع الله تعالى به أقوامًا ويجعلهم في الخير قادةً وأئمةً، تقتبس آثارهم، ويقتدي بفعالهم، ويُنتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خُلَّتهم، وبأجنحتها تمسحهم، ويستغفر لهم كلُّ رطبٍ ويابسٍ حتى الحيتان في البحر وهوامُّه، وسباع الطير وأنعامه؛ لأنَّ العلم حياة القلوب من الجهل، ومصباح الأبصار من الظُّلم، يبلغ بالعلم منازل الأخيار، والدرجة العليا في الدُّنيا والآخرة.

والتفكُّر فيه يعدل بالصِّيام، ومدارسته بالقيام، به توصل الأرحام،


(١) انظر: الطبقات الكبرى (٣/ ٤٣٨)، معرفة الصحابة؛ لأبي نعيم (٥/ ٢٤٣١)، أسد الغابة (٥/ ١٨٧).
(٢) حلية الأولياء (١/ ٢٣٩).

<<  <   >  >>