للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعرف الحلال من الحرام، إمام العمَّال والعمل تابعه، يلهمه السُّعداء، ويحرمه الأشقياء».

ولعلَّ في وضوح هذه الموعظة ما يغني عن توضيحها، فهل تأمَّلنا هذه المنافع التي ذكرها معاذٌ عن العلم والعلماء، والتي بلغت قرابة الثلاثين؟ وهل تحرِّك في المقصِّر الرغبة في طلب العلم فيما يتعيَّن عليه على الأقلِّ؟

• ومن مواعظه - رضي الله عنه - قوله (١):

«إنَّ من ورائكم فتنًا يكثر فيها المال، ويفتتح القرآن؛ حتى يقرأه المؤمن والمنافق، والصغير والكبير، والأحمر والأسود، فيوشك قائلٌ يقول: ما لي أقرأ على الناس القرآن فلا يتَّبعوني عليه؟ فما أظنُّهم يتبعوني عليه حتى أبتدع لهم غيره، فإيَّاكم إيَّاكم ما ابتدع؛ فإنَّ ما ابتدع ضلالةٌ».

فمعاذٌ - رضي الله عنه - يشير في هذه الموعظة إلى خللٍ مبكِّرٍ بدأ يلحظه في الناس -خاصةً بعد اتِّساع الفتوح -وهو أنَّ الإقبال على القرآن لم يكن كما كان يعهده في عهد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وصدر هذه الأمَّة، بل بدأ التكثُّر بالقراءة على حساب التدبُّر، وإلى هذا أشار معاذٌ بقوله: «فيوشك قائلٌ يقول: ما لي أقرأ على الناس القرآن فلا يتَّبعوني عليه؟ فما أظنُّهم يتَّبعوني عليه حتى أبتدع لهم غيره، فإيَّاكم إيَّاكم ما ابتدع؛ فإنَّ ما ابتدع ضلالةٌ»، فحذَّر معاذٌ من الخروج عن السُّنَّة بغية التكثُّر من الأتباع والجماهير!


(١) سنن أبي داود (٤/ ٢٠٢) ح (٤٦١١).

<<  <   >  >>