للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرآن فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه، ينثره نثر الدَّقل!».

هذه المشكلة- التي ذكرها ابن عمر- اتَّفق عليها عددٌ من الصحابة الذين طالت حياتهم، وأدركوا الفتوحات، وكثرة دخول الناس في الإسلام- خاصةً من الأعاجم - وممَّن وافقه عليها: ابن مسعودٍ، وجندب بن عبد الله، وغيرهما.

ففي الصحيحين: أنَّ رجلًا قال لابن مسعودٍ: إنِّي لأقرأ المفصَّل في ركعةٍ! فقال عبد الله: «هذًّا كهذِّ الشِّعر! إنَّ أقوامًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع» (١).

ويقول جندب بن عبد الله - رضي الله عنه -: كنَّا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ونحن فتيانٌ حزاورةٌ (أي: أشدَّاء أقوياء) «فتعلَّمنا الإيمان قبل أن نتعلَّم القرآن، ثمَّ تعلَّمنا القرآن، فازددنا به إيمانًا» (٢).

والشاهد من هذا بيان منهج الصحابة - رضي الله عنهم - في تلقِّي هذا القرآن، والحرص على تطبيقه في الأمة؛ لمن أحبَّ السَّير على منهجهم، والنجاة في الدُّنيا والآخرة.

إنِّني أدعو إخواني- من أولياء الأمور في بيوتهم - لتطبيق هذا المنهج النبويِّ الذي ربَّى به - صلى الله عليه وسلم - أصحابه - رضي الله عنهم -، بل هو المنهج الربانيُّ الذي ربَّى به الله تعالى نبيَّه - صلى الله عليه وسلم -، وأعني به التربية بالإيمان قبل القرآن، بأن يحرص المربِّي على غرس المعاني الكبار، وهي: توحيد الله


(١) البخاري ح (٧٧٥)، مسلم ح (٨٢٢) واللفظ له.
(٢) سنن ابن ماجه ح (٦١).

<<  <   >  >>