للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علَّق الإمام الشَّافعيُّ على ذلك بقوله: «إنَّما قال لهما ذلك؛ لأنَّه خاف عليهما الكفر إن ظنَّا به التُّهمة، فبادر إلى إعلامهما؛ نصيحةً لهما، قبل أن يقذف الشيطان في نفوسهما شيئًا يهلكان به» (١).

ولتوضيح صلة موعظة الفاروق بهذا الحديث العظيم، يقول ابن حجرٍ رحمه الله: «قال ابن دقيق العيد رحمه الله: وهذا متأكِّدٌ في حقِّ العلماء ومن يقتدى به، فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلًا يوجب سوء الظنِّ بهم، وإن كان لهم فيه مخلصٌ؛ لأن ذلك سببٌ إلى إبطال الانتفاع بعلمهم، ومن ثمَّ قال بعض العلماء: ينبغي للحاكم أن يبيِّن للمحكوم عليه وجه الحكم إذا كان خافيًا؛ نفيًا للتُّهمة.

ومن هنا يظهر خطأ من يتظاهر بمظاهر السوء ويعتذر بأنه يجرِّب بذلك على نفسه! وقد عظم البلاء بهذا الصِّنف، والله أعلم» (٢).

• ومن مواعظه قوله - رضي الله عنه - (٣):

«ويلٌ لديَّان الأرض من ديَّان السماء يوم يلقونه، إلاَّ من أمَّ العدل، وقضى بالحقِّ، ولم يقض بهوًى ولا لقرابةٍ، ولا لرغبةٍ ولا لرهبةٍ، وجعل كتاب الله مرآته بين عينيه».

حين يتحدَّث عمر الفاروق عن العدل، فينبغي للآذان أن تنصت؛ فإنَّه الذي ضرب المثل بعدله، وسارت الرُّكبان بأخباره.

إنَّ الفاروق حينما يعظ من تولَّى أدنى ولايةٍ من ولايات المسلمين،


(١) فتح الباري؛ لابن حجر (٤/ ٢٨٠).
(٢) المصدر السابق.
(٣) الزهد؛ لأحمد بن حنبل (ص١٠٣).

<<  <   >  >>