يقول هذا وهو خليفة المسلمين، الذي اتَّسعت في عهده الفتوح جدًا! فأين الذين تمضي عليهم الأيام والليالي وما فتحوا صفحةً من المصحف وهم لم يرتبطوا بأدنى مسؤوليةٍ؟!
• ومن خطبه الوعظيَّة التي خطبها في آخر حياته قوله - رضي الله عنه - (١):
«إنَّ الله إنَّما أعطاكم الدُّنيا لتطلبوا بها الآخرة، ولم يعطكموها لتركنوا إليها، إنَّ الدُّنيا تفنى، وإنَّ الآخرة تبقى، لا تبطرنَّكم الفانية، ولا تشغلنَّكم عن الباقية، وآثروا ما يبقى على ما يفنى؛ فإنَّ الدُّنيا منقطعة، وإنَّ المصير إلى الله، اتَّقوا الله فإنَّ تقواه جنَّةٌ من بأسه، ووسيلةٌ عنده، واحذروا من الله الغير، والزموا جماعتكم لا تصيروا أحزابًا {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}[آل عمران: ١٠٣]».
ووضوح المعاني التي ذكرها - رضي الله عنه - في الزهد في الدُّنيا تغني عن الإطالة في إيضاحها.
إلا أنَّه لا بدَّ من الإشارة إلى موعظته المتعلِّقة بلزوم جماعة المسلمين، وهو الذي رأى بوادر فتنةٍ أطلَّت، وهو -أيضًا - الذي ذاق مرارة الفرقة في الجاهليَّة، وذاق حلاوة الاجتماع والألفة في الإسلام على يدي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فهل يعي هذا المعنى أناسٌ ولدوا في أمَّةٍ مجتمعةٍ، ويريدون أن يفرِّقوا جماعة المسلمين، ويحفروا - بجهلهم - حفرًا من النار؟!