للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال عبد الله بن داود الخريبي رحمه الله: «كانوا - أي: السلف - يستحبُّون أن يكون للرجل خبيئةٌ من عملٍ صالحٍ، لا تعلم به زوجته ولا غيرها» (١).

لهذا؛ فإنَّ من توفيق الله تعالى للعبد للعبد أن يحرص على هذه الوصية الزُّبيريَّة: «من استطاع أن تكون له خبيئةٌ من عملٍ صالحٍ، فليفعل». فإن قلت: مثِّل لي بمثالٍ على الخبيئة، فالجواب: أمثلة هذا كثيرةٌ، كأن تدمع عينك وأنت خالٍ بربك! أو تتصدَّق بصدقةٍ فتخفيها؛ حتى لا تعلم شمالك ما أنفقت يمينك، ونحو هذه الأعمال الصالحة.

ذكر ابن المبارك عند الإمام أحمد- رحمهم الله جميعًا - فقال الإمام أحمد: «ما رفع الله ابن المبارك إلا بخبيئةٍ كانت له» (٢).

• ومن مواعظ الزُّبير العمليَّة:

ما رواه البخاريُّ في صحيحه عن عبد الله بن الزبير بن العوَّام رضي الله عنهما قال: لمَّا وقف الزبير يوم الجمل دعاني، فقمت إلى جنبه، فقال: «يا بُنيَّ، إنَّه لا يقتل اليوم إلا ظالمٌ أو مظلومٌ، وإنِّي لا أُراني إلا سأقتل اليوم مظلومًا، وإنَّ من أكبر همِّي لَدَيْنِي، أفترى يبقي دَيْنُنَا من مالنا شيئًا؟ ..».

قال عبد الله: فجعل يوصيني بدَيْنه، ويقول: «يا بُنيَّ، إن عجزت عنه في شيءٍ، فاستعن عليه مولاي»، فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبة، من مولاك؟! قال: «الله»!


(١) سير أعلام النبلاء (٩/ ٣٤٩).
(٢) صفة الصفوة (٢/ ٣٣٠).

<<  <   >  >>