قال عبد الله: فوالله ما وقعت في كربةٍ من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير، اقض عنه دينه، فيقضيه ...
قال: فكان للزبير أربع نسوةٍ، ورفع الثُّلث، فأصاب كلَّ امرأةٍ ألف ألفٍ ومائتا ألفٍ، فجميع ماله خمسون ألف ألفٍ، ومائتا ألفٍ (١).
أرأيتم كيف يعظ السلف أبناءهم عمليًّا؟ لم يقل الزبير: إذا عجزت فاذهب للسلطان -مثلًا -مع أنَّ هذا جائزٌ، أو اذهب لفلانٍ، أو اجمع قريشًا، بل علَّقه بالله تعالى، الذي بيده خزائن السموات والأرض، فما كانت النتيجة؟! إنَّه الغنى بالله، والاستغناء عن الخلق، والرِّزق الواسع، وقضاء الديون.
وهذا كلُّه - كما هو ظاهرٌ - لا يعني إهمال الأسباب، ولكنَّها موعظةٌ يُقصد منها لفت النظر إلى أهمية التعلُّق بالله، خاصةً في هذه القضية الحقوقيَّة بين الناس - وهي الدَّين الذي أثقل كواهل الكثيرين- فإليهم نهدي هذا الموقف، ونقول لهم: إذا ضاقت عليكم، وعجزتم عن ديونكم، فقولوا: يا مولانا، اقض عنَّا ديوننا، قولوا بألسنتكم وقلوبكم.
رضي الله عن طلحة بن عبيد الله، ورضي الله عن الزُّبير بن العوَّام، وجمعنا بهما في جنَّات النعيم، مع الذين أنعم عليهم من النبيِّين والصِّدِّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.