مِنْ حُكْمِ الْوَجْهِ شَيءٌ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُذْكَرَا مَعَهُ وَذُكِرَا مَعَ الرَّأْسِ فَكَانَ حُكْمُهُمَا الْمَسْحُ كَحُكْمِ الرَّأْسِ فَلَيْسَ يَصِحُّ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي إِلَّا مَسْحُهُمَا مَعَ الرَّأْسِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَاسْتِئْنَافُ الْمَاءِ لَهُمَا فِي الْمَسْحِ فَإِنَّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ مُحْتَمَلَانِ لِلتَّأْوِيلِ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ أَمَرَ بِغَسْلِهِمَا أَوْ غَسْلِ بَعْضِهِمَا فَلَا مَعْنَى لَهُ وَذَلِكَ مَدْفُوعٌ بِحَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ هَذَا مَعَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْحِهِمَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ مَنْ لَمْ يُجِزْ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ بِحَدِيثِ الصنابحي هذا وقال الماء إذا توضيء بِهِ مَرَّةً خَرَجَتِ الْخَطَايَا مَعَهُ فَوَجَبَ التَّنَزُّهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ مَاءُ الذُّنُوبِ وَهَذَا عِنْدِي لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ الذُّنُوبَ لَا تُنَجِّسُ الْمَاءَ لِأَنَّهَا لَا أَشْخَاصَ لَهَا (وَلَا أَجْسَامَ) تُمَازِجُ الْمَاءَ فَتُفْسِدُهُ وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مَعَ الْمَاءِ إِعْلَامٌ مِنْهُ بِأَنَّ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ عَمَلٌ يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ السَّيِّئَاتِ عَنْ عِبَادِهِ المؤمنين رحمة منه بهم وتفضلا عليهم اعلموا بذلك لِيَرْغَبُوا فِي الْعَمَلِ بِهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الوضوء بالماء المستعمل وهو الذي قد توضيء بِهِ مَرَّةً فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ وَمَنْ تَوَضَّأَ بِهِ أَعَادَ أَبَدًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ وَيَتَيَمَّمُ وَاجِدُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِدٍ مَاءً وَمِنْ حُجَّتِهِمْ فِي ذَلِكَ عَلَى الَّذِينَ أَجَازُوا الْوُضُوءَ بِهِ عِنْدَ عدم غَيْرِهِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَعَ الْمَاءِ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ كُلًّا مَاءٌ كَانَ عِنْدَ عَدَمِهِ أَيْضًا كُلًّا مَاءٌ وَوَجَبَ التَّيَمُّمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute