للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ بِقَوْلِهِمْ فِي ذَلِكَ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَالَ لَا يَتَوَضَّأُ بِهِ إِذَا وَجَدَ غَيْرَهُ مِنَ الْمَاءِ وَلَا خَيْرَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ إِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ تَوَضَّأَ بِهِ وَلَمْ يَتَيَمَّمْ لِأَنَّهُ مَاءٌ طَاهِرٌ لَمْ يُغَيِّرْهُ شَيْءٌ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ جَائِزٌ لِأَنَّهُ مَاءٌ طَاهِرٌ لَا يَنْضَافُ إِلَيْهِ شَيْءٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُطَهِّرًا لِطَهَارَتِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يُضَافُ إِلَى شَيْءٍ وَهُوَ مَاءٌ مُطْلَقٌ وَاحْتَجُّوا بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى طَهَارَتِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي أعضاء المتوضيء نَجَاسَةٌ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ المروزي محمد ابن نَصْرٍ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْمَاءَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ أحد ولا يسام مِنْ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ عَنِ الثَّوْرِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَأَظُنُّهُ حَكَى عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ هُوَ مَاءُ الذُّنُوبِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَفْتَى مَنْ نَسَى مَسْحَ رَأْسِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ بَلَلِ لِحْيَتِهِ فَيَمْسَحُ بِهِ رَأْسَهُ وَهَذَا وَاضِحٌ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي أُمَامَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَمَكْحُولٍ وَالزُّهْرِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا فِيمَنْ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ فَوَجَدَ فِي لِحْيَتِهِ بَلَلًا أَنَّهُ يُجْزِئُهُ أَنْ يَمْسَحَ بِذَلِكَ الْبَلَلِ رَأْسَهُ فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ أَجَازُوا الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَأَمَّا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ لِمَنْ نَسِيَ مَسْحَ رَأَسِهِ وَوَجَدَ فِي لِحْيَتِهِ بَلَلًا أَنْ يَمْسَحَ رَأْسَهُ بِذَلِكَ الْبَلَلِ وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يُجَزِئْهُ وَكَانَ كَمَنْ لَمْ يَمْسَحْ وَكَانَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِكُلِّ مَا صَلَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>