- قَالَ أَبُو عُمَرَ نَحْنُ نَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى شَرْطِنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ لِنُبَيِّنَ بِذَلِكَ مَوْضِعَ الصَّوَابِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ فَأَمَّا مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْعُمْرَى وَالسُّكْنَى عِنْدَهُ سَوَاءٌ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَقَوْلُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَيَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ قَالَ مَالِكٌ فَإِذَا أَعْمَرَهُ حَيَاتَهُ وَأَسْكَنَهُ حَيَاتَهُ فَهُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَإِنْ أَرَادَ الْمُعْمِرُ أَنْ يَكْرِيَهَا فَإِنَّهُ يَكْرِيهَا قَلِيلًا قَلِيلًا وَلَا يَبْعُدُ الْكِرَاءُ قَالَ وَلِلْمُعْمِرِ أَنْ يَبِيعَ مَنَافِعَ الدَّارِ وَسُكْنَاهُ فِيهَا مِنَ الَّذِي أَعْمَرَهُ وَلَا يَبِيعَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ الْعُمَرِيِّ بِهَذَا اللَّفْظِ هِبَةٌ مَبْتُوتَةٌ يُمَلِّكُهَا الْمُعْمِرُ مِلْكًا تَامًّا رَقَبْتَهَا وَمَنَافِعَهَا وَاشْتَرَطُوا فِيهَا الْقَبْضَ عَلَى أُصُولِهِمْ فِي الْهِبَاتِ قَالُوا وَمَنْ أَعْمَرَ رَجُلًا شَيْئًا فِي حَيَاتِهِ فَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ لِوَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَ رَقَبَتَهَا وَشَرْطُ الْمُعْطِي وَذِكْرُهُ الْعُمْرَى وَالْحَيَاةَ بَاطِلٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْطَلَ شَرْطَهُ وَجَعَلَهَا بَتْلَةً لِلْمُعْطَى وَسَوَاءٌ قَالَ هِيَ مِلْكُ حَيَاتِكَ وَهِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ بَعْدَكَ عُمْرَى حَيَاتِهِمْ أَوْ مَا عِشْتَ وَعَاشُوا كُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْطَلَ الشَّرْطَ فِي ذَلِكَ وَإِذَا بَطَلَ شَرْطُهُ لِنَفْسِهِ فِي حَيَاةِ الْمُعْمَرِ فَكَذَلِكَ حَيَاةُ عَقِبِهِ الشَّرْطُ أَيْضًا بَاطِلٌ وَكُلُّ شَرْطٍ أَبْطَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute