للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا مِنْ أَصَحِّ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي الصَّرْفِ هُوَ يُوجِبُ تَحْرِيمَ الِازْدِيَادِ وَالنَّسَأِ جَمِيعًا فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ تِبْرِهِمَا وَعَيْنِهِمَا وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ إِلَّا فِرْقَةٌ شَذَّتْ وَأَبَاحَتْ فِيهِمَا الِازْدِيَادَ وَالتَّفَاضُلَ يَدًا بِيَدٍ وَمَا قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ أحد من الفقهاء الذين تدون عَلَيْهِمُ الْفَتْوَى فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا وَجْهَ لِلِاشْتِغَالِ بِالشُّذُوذِ وَالشِّفُّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِالْكَسْرِ الزايدة يُقَالُ الشَّيْءُ يَشِفُّ وَيَسْتَشِفُّ أَيْ يَزِيدُ وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا تَبِيعُوا مِنْهُمَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الصَّرْفِ شَيْءٌ مِنَ التَّأْخِيرِ وَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُحْضِرَ الْعَيْنَ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّ مِنْ مَعْنَى هَذَا الْبَابِ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ الصَّرْفَ عَلَى مَا لَيْسَ عِنْدَ الْمُتَصَارِفَيْنِ أَوْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فِي حِينِ الْعَقْدِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَيْنَانِ حَاضِرَتَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ لَيْسَتْ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ يَسْتَقْرِضَ فَيَدْفَعَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ زُفَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ حَتَّى تَظْهَرَ إِحْدَى الْعَيْنَيْنِ وَتُعَيَّنَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتُ صَكَّ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وسواء كان ذَلِكَ عِنْدَهُمَا أَمْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ عُيِّنَ أَحَدُهُمَا جَازَ وَذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتُ مِنْكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ إِذَا دَفَعَهَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُ قَوْلِ زُفَرَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ قَبْضُهُ لِمَا لَمْ يُعَيِّنْهُ قَرِيبًا مُتَّصِلًا بِمَنْزِلَةِ النَّفَقَةِ يَحُلُّهَا مِنْ كِيسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>