وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ وَاتَّفَقُوا يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءَ الثَّلَاثَةَ عَلَى جَوَازِ الصَّرْفِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا دَيْنًا وَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ دُونَ كَوْنِهِ عَيْنًا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي تَصَارُفِ الدَّيْنَيْنِ وَتَطَارُحِهِمَا مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَنَانِيرُ وَلِآخَرَ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا مَا عَلَيْهِ بِمَا عَلَى الْآخَرِ وَيَتَطَارِحَانِهِمَا صَرْفًا وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ حَدِيثُ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَبِيعُ الْإِبِلَ أبيع بالدنانير وآخر الدراهم وأبيع بالدراهم وآخر الدَّنَانِيرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الصَّرْفِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا دَيْنًا قَالُوا فَكَذَلِكَ إِذَا كَانَا دَيْنَيْنِ لِأَنَّ الذِّمَّةَ الْحَاضِرَةَ كَالْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ وَصَارَ الطَّرْحُ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ كَالْمَقْبُوضِ مِنَ الْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ وَمَعْنَى الْغَائِبِ عِنْدَهُمْ هُوَ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى قَبْضٍ وَلَا يُمْكِنُ قَبْضُهُ حَتَّى يَفْتَرِقَا بِدَلِيلِ حَدِيثِ عُمَرَ لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ لَا يَجُوزُ تَصَارُفُ الدَّيْنَيْنِ وَلَا تَطَارُحُهُمَا لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ غَائِبٌ بِنَاجِزٍ كَانَ الْغَائِبُ بِالْغَائِبِ أَحْرَى أَنْ لَا يَجُوزَ وَأَجَازَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَضَاءَ الدَّنَانِيرِ عَنِ الدَّرَاهِمِ وَقَضَاءَ الدَّرَاهِمِ عَنِ الدَّنَانِيرِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مَنْ قَرْضٍ إِذَا كَانَ حَالًّا وَتَقَابَضَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا بِأَيِّ سِعْرٍ شَاءَ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا بَطَلَ الصَّرْفُ بَيْنَهُمَا وَرَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى أصل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute