وَهُوَ بِحُنَيْنٍ فَالْمُرَادُ مُنْصَرَفُهُ مِنْ غَزْوَةِ حُنَيْنَ وَالْمَوْضِعُ الَّذِي لَقِيَ فِيهِ الْأَعْرَابِيُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْجِعْرَانَةُ وَهُوَ بِطْرِيقِ حُنَيْنٍ بِقُرْبِ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ وَفِيهِ قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَائِمَ حنين والاثار المذكورة كلها تدلك علىما ذَكَرْنَاهُ وَلَا تَنَازُعَ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَعْرَابِيِّ قَمِيصٌ فَالْقَمِيصُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هُوَ الْجُبَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنْ الْمَخِيطَ كُلَّهُ مِنَ الثِّيَابِ لَا يَجُوزُ لِبَاسُهُ لِلْمُحْرِمِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحْرِمَ عَنْ لِبَاسِ الْقُمُصِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ هَذَا الْمَعْنَى فِي حَدِيثِ نَافِعٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَقَدْ بَانَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ أَنَّهَا كَانَتْ صُفْرَةَ خَلُوقٍ وَهُوَ طِيبٌ مَعْمُولٌ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ الْمُحْرِمَ عَنْ لِبَاسِ ثَوْبٍ مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الطِّيبَ كُلَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَى الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَكَذَلِكَ لِبَاسُ الثِّيَابِ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الطِّيبِ لِلْمُحَرَّمِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِمَا يَبْقَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَأَجَازَ ذلك قوم وكرهه آخرون احتج بِهَذَا الْحَدِيثِ كُلُّ مِنْ كَرِهَ الطِّيبَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَقَالُوا لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إِذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ أَنْ يَتَطَيَّبَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ ثُمَّ يُحْرِمُ لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ بِإِجْمَاعٍ أَنْ يَمَسَّ طِيبًا بَعْدَ أَنْ يُحْرِمَ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَطَيَّبَ ثُمَّ يُحْرِمَ لِأَنَّ بَقَاءَ الطِّيبِ عَلَيْهِ كَابْتِدَائِهِ لَهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ سَوَاءً لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبدا لله بْنَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ كَرِهُوا أَنْ يُوجَدَ مِنَ الْمُحْرِمِ شَيْءٌ مِنْ رِيحِ الطِّيبِ وَلَمْ يُرَخِّصُوا لِأَحَدٍ أَنْ يَتَطَيَّبَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ ثُمَّ يُحْرِمَ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مِنَ الْعُلَمَاءِ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَصْحَابُهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute