وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنْ شَأْنِ الْخُطْبَةِ أَنْ يُقَالَ فِيهَا أَمَّا بَعْدُ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ فَقَالَ قَوْمٌ فَصْلُ الْخِطَابِ أَمَّا بَعْدُ وَقَالَ آخَرُونَ فَصْلُ الْخِطَابِ الْبَيِّنَاتُ وَالشُّهُودُ وَمَعْرِفَةُ الْقَضَاءِ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ بَيْعَ بَرِيرَةَ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَهُوَ اشْتِرَاطُ مَوَالِي بَرِيرَةَ لِأَنْفُسِهِمُ الْوَلَاءَ دُونَ عَائِشَةَ وَهِيَ الْمُعْتِقَةُ وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ إِذَا كَانَ فِيهِ شَرْطٌ فَاسِدٌ وَفِي إِجَازَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْعَ وَشَرْطَ الْعِتْقِ مَعًا وَإِبْطَالِهِ شَرْطَ الْوَلَاءِ لِغَيْرِ الْمُعْتِقَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنَ الشُّرُوطِ مَا يَبْطُلُ وَلَا يَلْزَمُ وَلَا يَضُرُّ الْبَيْعَ وَالشُّرُوطُ فِي الْبَيْعِ عَلَى وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا مِثْلُ هَذَا فَاسِدٌ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِبُطْلَانِهِ بَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَالْآخَرُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ مَعًا وَالثَّالِثُ قَدْ يَكُونُ فِي الْبَيْعِ شُرُوطٌ يَكُونُ الْبَيْعُ مَعَهَا فَاسِدًا وَلِبَيَانِ ذَلِكَ وَبَسْطِهِ وَتَلْخِيصِهِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بن اسد قالا حدثنا محمد ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَشْتَهْ الْأَصْبِهَانِيُّ الْمُقْرِئُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّحَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ زَاذَانَ الضَّرِيرُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الذُّهْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ قَدِمْتُ مَكَّةَ فَوَجَدْتُ بِهَا أَبَا حَنِيفَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى وَابْنَ شُبْرُمَةَ فَسَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فَقُلْتُ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ بَاعَ بَيْعًا وَشَرَطَ شَرْطًا فَقَالَ الْبَيْعُ بَاطِلٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ ثُمَّ أَتَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ ثُمَّ أَتَيْتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ جَائِزٌ فَقُلْتُ يَا سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْعِرَاقِ اخْتَلَفْتُمْ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَتَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لَا أَدْرِي مَا قالا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute