للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَإِنَّهُ بَيَانٌ وَاضِحٌ فِي أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِالظَّاهِرِ الَّذِي تَعْبَّدَ بِهِ لَا يَحِلُّ فِي الْبَاطِنِ حَرَامًا قَدْ عَلِمَهُ الَّذِي قَضَى لَهُ بِهِ وَأَنَّ حُكْمَهُ بِالظَّاهِرِ بَيْنَهُمْ لَا يَحِلُّ لَهُمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِثَالُ ذَلِكَ رَجُلٌ ادَّعَى على رجل بدعوى وأقام عليه بنية زُورٍ كَاذِبَةً فَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ بِظَاهِرِ عَدَالَتِهِمْ عِنْدَهُ وَأَلْزَمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا شَهِدُوا بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ لِلْمُدَّعِي إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَهُ وَأَنَّ بَيِّنَتَهُ كَاذِبَةٌ إِمَّا مِنْ جِهَةِ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْغَلَطِ وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ لِقَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ حَدِيثُ عُبَادَةَ وَأَنْ تَقُومَ بِالْحَقِّ حَيْثُ مَا كُنَّا لَا تَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَقَوْلُهُ كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ هِنْدٍ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ قَوْلُهُ خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدِكِ وَكَذَلِكَ لَوْ ثَبَتَ عَلَى رَجُلٍ لِرَجُلٍ حَقٌّ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَادَّعَى دَفْعَهُ إِلَيْهِ وَالْبَرَاءَةَ مِنْهُ وَهُوَ صَادِقٌ فِي دَعْوَاهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَجَحَدَهُ الْمُدَّعِي الدَّفْعَ إِلَيْهِ وَحَلَفَ لَهُ عَلَيْهِ وَقَبَضَ مِنْهُ ذَلِكَ الْحَقَّ مَرَّةً أُخْرَى بِقَضَاءِ قَاضٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّنْ قَطَعَ لَهُ أَيْضًا قِطْعَةً مِنَ النَّارِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ قَضَاءُ الْقَاضِي بِالظَّاهِرِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الْبَاطِنِ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ سَوَاءً

<<  <  ج: ص:  >  >>