قَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ قَالَ لَا تُدْلِي بِمَالِ أَخِيكَ إِلَى الْحَاكِمِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ لَهُ ظَالِمٌ فَإِنَّ قَضَاءَهُ لَا يَحِلُّ لَكَ شَيْئًا كَانَ حَرَامًا عَلَيْكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَعَلَى هَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْهُ جَرَى مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ كُلُّهُمْ قَدْ جَعَلَ هَذَا الْحَدِيثَ أَصْلًا فِي هَذَا الْبَابِ وَجَاءَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَبْلَهُمَا فِي رَجُلَيْنِ تَعَمَّدَا الشَّهَادَةَ بِالزُّورِ على رجل أنه طلق امرأه فقبل القاضي شهادتهما لظاهر عَدَالَتَهُمَا عِنْدَهُ وَهُمَا قَدْ تَعَمَّدَا الْكَذِبَ فِي ذَلِكَ أَوْ غَلِطَا أَوْ وَهِمَا فَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ اعْتَدَّتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ جَائِزٌ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي شَهَادَتِهِ وَعَالِمٌ بِأَنَّ زَوْجَهَا لَمْ يُطَلِّقْهَا لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَمَّا أَحَلَّهَا لِلْأَزْوَاجِ كَانَ الشُّهُودُ وَغَيْرُهُمْ فِي ذَلِكَ سَوَاءً وَهَذَا إِجْمَاعٌ أَنَّهَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ غَيْرِ الشُّهُودِ مَعَ الِاسْتِدْلَالِ بِفُرْقَةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ يُوقِعُهُ وَقَالَ مَنْ خَالَفَهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ هَذَا خِلَافُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ وَمِنْ حَقِّ هَذَا الرَّجُلِ عِصْمَةُ زَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يُطَلِّقْهَا وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ مَنْ سَمَّيْنَاهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ لَا يَحِلُّ لِوَاحِدٍ مِنَ الشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِذَا عَلِمَ أَنَّ زَوْجَهَا لَمْ يُطَلِّقْهَا وَأَنَّهُ كَاذِبٌ أَوْ غَالِطٌ فِي شَهَادَتِهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute