للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ لَا فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ اسْتَتِرْ بِسَتْرِ اللَّهِ وَتُبْ إِلَى اللَّهِ فَإِنَّ النَّاسَ يُعَيِّرُونَ وَلَا يُغَيِّرُونَ وَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ

وَأَمَّا إِعْرَاضُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فَفِيهِ مَذَاهِبُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كَالشَّهَادَاتِ عَلَى الزِّنَى وَكَانَ إِعْرَاضُهُ لِئَلَّا يُتِمَّ الْإِقْرَارُ الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ مَحَبَّةً فِي السَّتْرِ فَلَمَّا تَمَّ الْإِقْرَارُ عَلَى حُكْمِهِ أَمَرَ بِالرَّجْمِ ومنهم من قال مرة واحدة تجزىء وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذَاهِبَهُمْ وَالْآثَارَ الَّتِي مِنْهَا نَزَعَ وَفَرَّعَ كَلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ قَوْلَهُ فِي بَابِ مُرْسَلِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيَشْتَكِي أَبِهِ جِنَّةٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا رَدَّهُ وَأَعْرَضَ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَا لِيُتِمَّ إِقْرَارَهُ وأربع مَرَّاتٍ كَمَا زَعَمَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ

وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَاغَدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا وَلَمْ يَقُلْ إِنِ اعْتَرَفَتْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ

وَفِي حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ فَأَمَرَ بِهَا فَشَكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِي بَابِ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَجْنُونَ لَا يَلْزَمُهُ حَدٌّ وَلِهَذَا مَا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَشْتَكِي أَبِهِ جِنَّةٌ وَهَذَا إِجْمَاعٌ أَنَّ الْمَجْنُونَ الْمَعْتُوهَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَالْقَلَمُ عَنْهُ مَرْفُوعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>