للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِظْهَارَ الْإِنْسَانِ مَا يَأْتِيهِ مِنَ الْفَوَاحِشِ حُمْقٌ لَا يَفْعَلُهُ إِلَّا الْمَجَانِينُ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ ذَوِي الْعُقُولِ كَشْفُ مَا وَاقَعَهُ مِنَ الْحُدُودِ وَالِاعْتِرَافُ بِهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا مِنْ شَأْنِهَا السَّتْرُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَالتَّوْبَةُ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَكَمَا يَلْزَمُهُمُ السَّتْرُ عَلَى غَيْرِهِمْ فَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُمُ السَّتْرُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَسَنَذْكُرُ فِي هَذَا الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ فِي السَّتْرِ أَحَادِيثَ يَسْتَدِلُّ بِهَا النَّاظِرُ فِي كِتَابِنَا عَلَى صِحَّةِ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أن حد الثيب حَدِّ الْبِكْرِ فِي الزِّنَى وَلِهَذَا مَا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبِكْرٌ هُوَ أَمْ ثَيِّبٌ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ حَدَّ الْبِكْرِ فِي الزِّنَى غَيْرُ حَدِّ الثَّيِّبِ وَأَنَّ حَدَّ الْبِكْرِ الْجَلْدُ وَحْدَهُ وَحَدَّ الثَّيِّبِ الرَّجْمُ وَحْدَهُ إِلَّا أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ رَأَى عَلَى الثَّيِّبِ الْجَلْدَ وَالرَّجْمَ جَمِيعًا وَهُمْ قَلِيلٌ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُبَادَةَ وَتَعَلَّقَ بِهِ دَاوُدُ وَأَصْحَابُهُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الثَّيِّبَ يُرْجَمُ وَلَا يُجْلَدُ وَقَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ مَنِ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ فَلَا يَرَوْنَ الرَّجْمَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الزُّنَاةِ ثَيِّبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ ثَيِّبٍ وَإِنَّمَا حَدُّ الزُّنَاةِ عِنْدَهُمُ الْجَلْدُ الثَّيِّبُ وَغَيْرُ الثَّيِّبِ سَوَاءٌ عِنْدَهُمْ وَقَوْلُهُمْ فِي ذَلِكَ خِلَافُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخِلَافُ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ رَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ وَعُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ مُتَّفِقُونَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْحَدِيثِ وَهُمْ أَهْلُ الْحَقِّ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>