الرحمن. فلو كان المراد إبداع روحه مدبراً لجسده من غير حلول فيه كما أن الله تعالى مدبر للعالم من غير حلول فيه لم يكن هذا متنا ولا للوجه فإن الوجه من الجسد الذي تدبره الروح فيكون مشابهاً لبعض العالم الذي يدبره الله تعالى ولا يكون داخلا في الروح التي خلقها الله تعالى على صورته، وإذا كان كذلك لم يصلح أن يعلل النهي عن ضربه بعلة لا تتناوله.
الوجه الثاني: أنه لو أريد هذا لقيل: لا تغموا الآدمي أو لا تحزنوه أو لا تضيقوا صدره فإن الله خلقه على صورته فيكون النهي عن تعذيب الروح المشابهة للرب من الوجه الذي ذكره إن كان ما قاله حقاً.
الوجه الثالث: أن كون حقيقة الآدمي هي الروح وأنها مخلوقة على صورة الله أمر لا يختص الوجه بل يشترك فيه سائر البدن فإن الروح مدبرة لجميع البدن فتخصيص الوجه بالنهي عن ضربه وشتمه لأجل ذلك لا وجه له، بل يقال إما أن يكون كون الروح مخلوقة على صورة الله موجبا للنهي عن الضرب والتقبيح لما هي مدبرة له أو لا يكون، فإن كان ذلك وجب أن ينهى عن ضرب جميع أجزاء بدن الإنسان حتى لا يجوز الضرب والتقبيح لشيء من بدن الآدمي مطلقاً وإن كان كافراً أو فاسقاً ومعلوم أن هذا في نهاية الفساد المعلوم بالاضطرار من العقل والدين، وإن لم يكن ذلك موجبا للنهي لم ينه عن ضرب الوجه وهو خلاف النص والإجماع.
الوجه الرابع: أن الحديث «لا يقولن أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فإن الله خلق آدم على صورته» نهي عن تقبيح