وأما قول من قال الضمير عائد إلى آدم كما ذكر الإمام أحمد عن بعض محدثي البصرة ويذكر ذلك عن أبي ثور فهو كما قال الإمام أحمد هذا تأويل الجهمية وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه، وقد زعم المؤسس (١) أنه أولى الوجوه الثلاثة. وليس كما ذكره بل هو أفسد الوجوه الثلاثة ولهذا لم يعول عليه ابن خزيمة إلا عند الضرورة لرواية من روى «على صورة الرحمن» ولقوله ابتداء «إن الله خلق آدم على صورته» فأما حيث ظن أن التأويل الأول ممكن فلم يقل هذا.
وبيان فساده من وجوه أحدها: أنه إذا قيل: إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورة آدم، أو لا تقبحوا الوجه ولا يقل أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فإن الله خلق آدم على صورة آدم. كان هذا من أفسد الكلام فإنه لا يكون بين العلة والحكم مناسبة أصلاً. فإن كون آدم مخلوقاً على صورة آدم فأي تفسير فسر به فليس في ذلك مناسبة للنهي عن ضرب وجوه بنيه ولا عن تقبيحها وتقبيح ما يشبهها، وإنما دخل التلبيس بهذا التأويل حيث فرق الحديث فروي قوله:«إذا قاتل أحدكم فليتق الوجه» مفرداً، وروي
(١) المؤسس هو أبو عبد الله الرازي، وإنما سماه المؤسس من أجل كتابه الذي أسس به أصول الجهمية وكلامهم الباطل في التعطيل ونفي الصفات عن الله تعالى، وقد سمى كتابه «تأسيس التقديس» وهو الذي رد عليه شيخ الإسلام ونقض أساسه في كتابه الذي سماه «نقض أساس التقديس» وقال في وصف الجهمية: إنهم منجسون لا مقدسون.