وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً} [الزمر: ٤٢]، فأخبر أنه يتوفاها وهو قبضها وأخذها واستيفاؤها وأخبر أن ذلك التوفي يكون حال الموت ويكون في المنام وأن المتوفاة في المنام منها ما تمسك وهي التي يقضى عليها بالموت في المنام ومنها ما يرسل فالإمساك لها والإرسال لها وتوفيها كل ذلك يتضمن نقيض ما يذكرونه من عدم اتصافها بجنس هذه الصفات.
الوجه الرابع والعشرون: أن من جعل نسبة الروح وهو آدم عنده إلى البدن كنسبة الباري إلى العالم لزمه أن يجعل الباري روح العالم كما قال بعضهم عن الحق تعالى أنا روح الأشياء أن تحل مني اتخذوها كدارسات الرسوم، وهذا وإن كان قد يقوله بعض الحلولية والاتحادية القائلون بأنه في كل مكان فهؤلاء المتفلسفة وأبو حامد ونحوه لا يقولون هذا بل عندهم قائل هذا من أكفر الناس وهو في ذلك مصيب موافق لجماعة المسلمين. وإن كان هذا القول هو شبيه بما ذكر عن الجهمية أولا حيث قالوا إنه في كل مكان كما تقدم ذكر ذلك عن أحمد، فإن فساد هذا القول من أظهر الأمور، وقد قدمنا من فساده ما فيه كفاية وذلك يقتضي أن يكون الرب نفسه هو الروح التي في الجن والشياطين وفي جهنم وغيرها التي في البدن وأن يكون الرب متنعما راضياً ساخطا فرحا مغتما مسروراً حزيناً بكل ما يوجد من ذلك في أجسام العالم كما أن الروح تكون كذلك بكل ما يوجد في جسدها. والاتحادية الذين يقولون هو الوجود يصفونه بذلك كله ويقولون هو موصوف بكل مدح وكل ذم وكل نعيم وكل عذاب كما قد ذكرنا افتراءهم في غير هذا الموضع، ومعلوم ما في هذا القول من الكفر والضلال والسب لله والجحود له.
[فصل]
وللناس تأويلات أخر وكلها باطلة مثل تأويل ابن عقيل ومن