للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقول القائل: ليست بجسم وليست في البدن مضادة لقول الرسول فكيف يجوز أن يحمل عليه ألفاظ الرسول حتى يجعل متشابه كلامه مناقضا لنصوصه ومحكمه.

الوجه الثاني والعشرون: أن الله قال: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [صّ: ٧٢]، في موضعين من القرآن، وقال: {وَبَدَأَ خَلْقَ الْأِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ (٩)} [السجدة: ٧ - ٩]، فأخبر أنه نفخ فيه من روحه فكيف يجوز أن يقال إن الروح ليست فيه.

فإن قيل إنما قال ذلك لأنها مدبرة له كما يقال إن الله في السماء.

فيقال فينبني على قياس ذلك أن يقال إن الله في السماء والأرض وكل مكان لأنه مدبر لذلك لا يخص الإطلاق بأنه في السماء، ومعلوم أنه ليس في الكتاب والسنة إطلاق القول بأن الله تعالى في الأرض أو في الخلق أو في كل مكان كما في إطلاق أن الروح في البدن فتمثيل أحدهما بالأخر من أعظم الفرية والكذب على الله وعلى رسوله، وهي فرية جهم وأمثاله.

الوجه الثالث والعشرون: أن الله تعالى قال: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠)} [الفجر: ٢٧ - ٣٠]، فأمرها بالرجوع إلى ربها الله، وفي ذلك إثبات حركتها وإثبات الانتهاء إلى الله وكلاهما خلاف ما يزعمه هؤلاء فيهما، وكذلك قوله: {فادخلي في عبادي وادخلي جنتي} أمرها بالدخول في عباده ودخول الجنة وهذا يناقض قولهم أن النفس لا داخلة العالم ولا خارجة ولا تكون في مكان كما يزعمون ذلك في الباري تعالى. وقال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ