لهم من الاحتمالات والتأويلات المستكرهة، وقد تقدم قول ابن عبد البر أن السلف رووا أحاديث الصفات وسكتوا عنها وهم كانوا أعمق الناس علماً وأوسعهم فهماً وأقلهم تكلفا. ولم يكن سكوتهم على عي، فمن لم يسعه ما وسعهم فقد خاب وخسر انتهى.
ولقد أحسن الراجز حيث يقول:
وكل خير في اتباع من سلف ... وكل شر في ابتداع من خلف
[فصل]
وقد دلت الأحاديث التي تقدم ذكرها (١) على أن الله تعالى خلق آدم على أحسن صورة وفي هذا أبلغ رد على المقالة الخبيثة التي تنسب إلى داروين وتسمى نظرية النشوء والتطور والارتقاء. فقد جاء في هذه المقالة الخبيثة أن الإنسان أصله قرد وأنه بعد النشوء والتطور والارتقاء صار إلى هذه الصورة الموجودة عليها بنو آدم اليوم. وهذا كفر صريح لما فيه من التكذيب بما أخبر الله به في كتابه وما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الثابتة عنه، فقد جاء في آيات كثيرة من القرآن أن الله تعالى خلق آدم من طين وأنه خلقه بيديه ونفخ فيه من روحه وعلمه الأسماء كلها وأمر الملائكة بالسجود له. وهذه فضائل عظيمة خص الله بها آدم دون سائر المخلوقات. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث التي تقدم ذكرها:«أن الله خلق آدم على صورته» وفي بعض الروايات «على صورة وجهه» وفي بعضها «على صورة الرحمن» وهذه فضيلة عظيمة جداً خص الله بها آدم دون سائر المخلوقات، وقد تضمنت المقالة الدارونية نفي هذه الفضيلة العظيمة عن آدم عليه الصلاة والسلام