للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاز تقبيحها ومنع الشارع من تقبيح الوجه لأن الله خلق آدم على صورته، ولا فرق في ذلك بين وجه البر والفاجر علم أن المانع ليس مشابهة العالم.

العاشر: أن قوله: «صورة الإنسان على صورة الرحمن» يخص الصورة كما يخص الوجه في تلك الأحاديث، وهذا يمنع أن يكون المراد جميع أعضاء الإنسان وروحه.

وأما قول طائفة من هؤلاء وغيرهم أن الآدمي خليفة الله استخلفه عن نفسه فجعله يخلفه في تدبير المملكة فهو على صورته من هذا الوجه، فهذا يدخل فيه معنى الملك ومعنى كونه نسخة العالم، لكن فيه من الباطل ما يخصه وهو زعمهم أن الإنسان خليفة عن الله تعالى، وهذا باطل، والله تعالى لا يخلفه شيء أصلاً، وإنما معنى كون آدم وداود والآدميين خلائف أنهم يخلفون غيرهم من المخلوقات لا أنهم يخلفون الخالق كما قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ} [النور: ٥٥]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ (١٤)} [يونس: ١٣ - ١٤]، وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ} [الأنعام: ١٦٥]، وقال تعالى في قصة نوح: {فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ} [يونس: ٧٣]، وقال تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} [الأنعام: ١٣٣]، وقال تعالى في خطاب هود لقومه: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} [الأعراف: ٦٩]، وفي خطاب صالح قومه: