للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلق وملك لا إضافة ذاتية، وقد تقدمت الوجوه المبطلة لهذا فهي تبطل هذا التأويل.

السابع: أن كون الإنسان مشابها للعالم ليس بأعظم من مشابهة بعض الناس لبعض كمشابهة الرجل لأبيه، ومعلوم أن مشابهة بعض الآدميين لبعض ليس مقتضياً لذم ولا مدح ولا مانعاً من العقاب، بل هو سبحانه يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي.

الثامن: أن كون الإنسان مختصرا من العالم أن فيه المحمود والمذموم كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنوه على قدر تلك القبضة منهم الخبيث والطيب وبين ذلك والسهل والحزن وبين ذلك والأسود والأبيض وبين ذلك» وإذا كان كذلك فكونه مختصرا من العالم ومشبها له لا يوجب منع تقبيح شيء منه ولا منع ضرب شيء منه.

التاسع: أن من المعلوم أن أرواح بني آدم أشرف من أجسادهم، ثم إن هذه الأرواح التي يسمونها النفوس الناطقة تنقسم إلى محمود ومذموم كما يقول الملك للنفس المؤمنة «اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب اخرجي راضية مرضية، فإذا خرجت صلى عليها كل ملك في السماء وكل ملك في الأرض وكل ملك بين السماء والأرض» ويقول للكافرة: «اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اخرجي ساخطة مسخوطا عليك وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج، فإذا خرجت لعنها كل ملك في السماء وكل ملك في الأرض وكل ملك بين السماء والأرض» وإذا كانت الروح قد تقبح وتشتم وتلعن وتوصف بالخبث فالجسد أحق بذلك. فلو كان مشابهة أشرف ما في العالم يمنع التقبيح لوجب أن لا تقبح النفس الناطقة قط فلما