ولهذا كان رأس الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وطاعتهم طاعة لله كما قال تعالى:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[النساء: ٨٠]، لأنهم تلقوا أمر الله إلى عباده، فالمطيع لهم مطيع لأمر الله لأنه فاعل ما أمره الله به، وأين الرسول المبلغ أمر غيره من النائب له الخليفة عنه الذي يتصرف كما يتصرف المستخلف، بينهم فرقان عظيم، قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري:«إني والله لا أعطي أحداً ولا أمنع أحداً وإنما أنا قاسم أضع حيث أمرت» فأما من يتصرف في عباد الله بمشيئته وهواه فيعطي من أحب ويمنع من أحب ويوالي من أحب بغير الله ولا إذنه فهذا عدو لله جبار مختال من جنس فرعون الذي علا في الأرض واتخذ أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين، فهل يكون هؤلاء نواباً عن الله أو خلفاء عنه وهم أعداؤه وعصاته كإبليس، وإن كان الله هو الخالق لكل شيء فليس كل ما خلقه الله من الأعيان والأفعال يكون محباً له راضياً به وإن كان بمشيئته فإنه سبحانه خالق إبليس وذويه وهو يبغضهم ويعاقبهم، ومن قال عن نفسه أو غيره إني نائب الله أو خليفة عن الله ولم يكن آمراً بما أمر الله به على لسان رسله فقد كذب على الله واستكبر في الأرض بغير الحق كما يذكر ذلك عن طائفة من الملوك الجاهلين الظالمين بل المنافقين المشركين، وإن كان إنما أمر بما أمر الله به فهو مصيب في إيجاب طاعته إذا أمر بما أمر الله به ومصيب في مخالفة من عصى الله وإكرام من أطاعه.
وقوله: نائب. إن كان بمعنى المبلغ والرسول والمنفذ فصحيح، وإن كان بمعنى أني أنوب عنه ما لا يفعله هو ولا يقدر عليه فهو كذب، وهذا قد يقوله القدري الذي يظن أنه مستقل بفعله وأن الله لم يخلق