للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موصولاً فإن في الخبر عللاً ثلاثاً - ثم ذكر العلل وقد تقدم ذكرها والجواب عنها فليراجع (١) - قال فإن صح هذا الخبر مسنداً. بأن يكون الأعمش قد سمعه من حبيب بن أبي ثابت وحبيب قد سمعه من عطاء بن أبي رباح. وصح أنه عن ابن عمر على ما رواه الأعمش فمعنى هذا الخبر عندنا أن إضافة الصورة إلى الرحمن في هذا الخبر إنما هو من إضافة الخلق إليه لأن الخلق يضاف إلى الرحمن إذ الله خلقه. وكذلك الصورة تضاف إلى الرحمن لأن الله صورها، ألم تسمع قول الله عز وجل: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: ١١]، فأضاف الله الخلق إلى نفسه إذ الله تولى خلقه، وكذلك قوله عز وجل: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} [هود: ٦٤]، فأضاف الله الناقة إلى نفسه وقال: {تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ} [هود: ٦٤]، وقال: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: ٩٧]، وقال: {إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِه} [الأعراف: ١٢٨]، فأضاف الله الأرض إلى نفسه إذ الله تولى خلقها وبسطها، وقال: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠]، فأضاف الفطرة إلى نفسه إذ الله فطر الناس عليها، فما أضاف الله إلى نفسه على مضافين إحداهما (٢) إضافة الذات والأخرى (٣) إضافة الخلق. فتفهموا هذين المعنيين لا تغالطوا.

قال فمعنى - الخبر إن صح من طريق النقل مسنداً - فإن ابن آدم خلق على الصورة التي خلقها الرحمن حين صور آدم ثم نفخ فيه الروح قال الله جل وعلا: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} [الأعراف: ١١]، والدليل على صحة هذا التأويل أن أبا موسى محمد بن المثنى قال: حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا المغيرة -وهو ابن عبد الرحمن- عن أبي


(١) ص٢١ - ٣٧.
(٢) إحداهما، والأخرى: كذا هو في «كتاب التوحيد» ولعله خطأ مطبعي، وصوابه، أحدهما، والآخر.
(٣) إحداهما، والأخرى: كذا هو في «كتاب التوحيد» ولعله خطأ مطبعي، وصوابه، أحدهما، والآخر.