للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال فإن صح هذا الخبر مسنداً بأن يكون الأعمش قد سمعه من حبيب بن أبي ثابت وحبيب بن أبي ثابت قد سمعه من عطاء بن أبي رباح وصح أنه عن ابن عمر على ما رواه الأعمش فمعنى هذا الخبر عندنا أن إضافة الصورة إلى الرحمن في هذا الخبر إنما هو من إضافة الخلق إليه لأن الخلق مضاف إلى الرحمن إذ الله خلقه، وكذلك الصورة تضاف إلى الرحمن لأن الله صورها، ألم تسمع قوله عز وجل: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: ١١]، فأضاف الله الخلق إلى نفسه إذ الله تولى خلقه، وكذلك قوله تعالى: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} [هود: ٦٤]، فأضاف الله الناقة إلى نفسه وقال: {تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ} [هود: ٦٤]، وقال: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: ٩٧]، وقال: {إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِه} [الأعراف: ١٢٨]، فأضاف الأرض إلى نفسه إذ الله تولى خلقها وبسطها، وقال: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠]، فما أضاف الله إلى نفسه على معنيين. أحدهما: إضافة الذات. والآخر: إضافة الخلق. فتفهموا هذين المعنيين لا تغالطوا.

قال فمعنى الخبر إن صح من طريق النقل مسنداً فإن ابن آدم خلق على الصورة التي خلقها الرحمن حين صور آدم ثم نفخ فيه الروح قال الله جل وعلا: {خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ (١) صَوَّرْنَاكُمْ} [الأعراف: ١١]، والدليل على صحة هذا التأويل أن أبا موسى محمد بن المثنى قال: حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خلق الله آدم على صورته وطوله ستون ذراعاً» حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما أنبأنا به أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث،


(١) كذا في المخطوطة والصواب {ولقد خلقناكم ثم صورناكم}.