الوجه الخامس: أن جميع ما يذكر من التأويل كقول القائل خلق آدم على صورة آدم موجود نظيره في جميع المخلوقات فإنه إن أريد بذلك على صورتها الثابتة في القدر في علم الله وكتابه أي على صفتها التي هي علمه أو غير ذلك فهذا موجود نظيره في سائر المخلوقات من السموات والأرض وما بينهما من الملائكة والجن والبهائم بل وذرية آدم كذلك فإنهم خلقوا على صورهم كما يذكرونه في معنى قولهم خلق الله آدم على صورة آدم فإن كون آدم على صورته يعني شبح موجود في صور هذه الأمور. وأما كونه خلق على هذه الصورة ابتداء أو في غير مدة فإنه لم يخلق إلا من حال إلى حال من التراب ثم من الطين ثم من الصلصال كما خلق بنوه من النطفة ثم العلقة ثم المضغة فلا منافاة في الحقيقة بين الأمرين. فإذا جاز أن يقال في أحدهما: إنه خلق على صورته مع تنقله في هذه الأطوار جاز أن يقال في الآخر: خلق على صورته مع تنقله في هذه الأطوار. وإذا كان كذلك ومن المعلوم بالاتفاق أن قوله:«خلق آدم على صورته» هي من خصائص آدم وإن كان بنوه تبعاً له في ذلك كما خلقه الله بيديه وأسجد له ملائكته علم بطلان ما يوجب الاشتراك ويزيل الاختصاص.
الوجه السادس: أن المعنى الذي تدل عليه هذه العبارة التي ذكروها هي من الأمور المعلومة ببديهة العقل التي لا يحسن بيانها والخطاب بها لتعريفها بل لأمر آخر فإن قول القائل إن الشيء الفلاني خلق على صورة نفسه لا يدل لفظه على غير ما هو معلوم بالعقل أن كل مخلوق فإنه خلق على الصورة التي خلق عليها. وهذا المعنى مثل أن يقال أوجد الله الشيء كما أوجده وخلق الله الأشياء على ما هي عليه وعلى