للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه ولا نكذبهم، ثم إن هذا مما لا غرض لأهل الكتاب في افترائه على الأنبياء، بل المعروف من حالهم كراهة وجود ذلك في كتبهم وتأويله وكتمانه كما قد رأيت ذلك مما شاء الله من علمائهم، ومع هذا الحال يمتنع أن يكذبوا كلاماً يثبتونه في ضمن التوراة وغيرها وهم يكرهون وجوده عندهم.

وإن قيل إنكاره لذلك غير الكاتب له، فيقال هو موجود في جميع النسخ الموجودة في الزمان القديم في جميع الأعصار والأمصار من عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

وأيضاً فمن المعلوم أن هذه النسخ الموجودة اليوم بالتوراة ونحوها قد كانت موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلو كان ما فيها من الصفات كذباً وافتراء ووصفاً لله بما يجب تنزيهه عنه كالشركاء والأولاد لكان إنكار ذلك عليهم موجوداً في كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعين كما أنكروا عليهم ما دون ذلك، وقد عابهم الله في القرآن بما هو دون ذلك فلو كان هذا عيباً لكان عيب الله لهم به أعظم وذمهم عليه أشد.

الوجه التاسع: إبطال أعيان التأويلات التي ذكرها.

فأما قوله في الوجه الأول إنه لم يغير خلقة آدم ولم يمسخها كما مسخ غيره كالحية والطاووس.

فيقال له العبارة المعروفة عن هذا المعنى أن يقال أبقى آدم على صورته أو تركه على صورته أو لم يغير صورة آدم، لا يقال: خلقه على صورة نفسه فإن هذا اللفظ لا يستعمل في مثل ذلك المعنى، ألا ترى أن الله لما مسخ بعض بني إسرائيل كالذين قال لهم: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: ٦٥]، كما قال {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} [المائدة: ٦٠]، وأنجى الذين كانوا