ويمكن القول -بناء على غلبة الظن- في بعض الجوانب التي أغفلتها المصادر بعد عرض لمحة من حياة أبيه، وتلك أن أباه الشيخ العالم الرباني محمد ابن أبي بكر (المعروف ب"قيم الجوزية") نشأ بدمشق من الفترة: ٦٩١ - ٧٥١ هـ، وهي ما يسمى بعصر سلاطين المماليك، وقد تميز هذا العصر بانتقال مركز الثقل العسكري والثقافي في العالم الإسلامي إلى القطرين: مصر، والشام، بعد نكبة بغداد وسقوطها على أيدي التتار، فكثرت معاهد التدريس، في هذين القطرين، فزخرت المساجد بحلق العلم، وأنشئت بجانبها المدارس، وأوقف على عمارتها ونظارتها وشيوخها وطلابها، ومن تلك المدارس:(المدرسة الجوزية) التي سبق ذكرها، وكان يقوم عليها جد إبراهيم هذا فنشأ إبراهيم ووالده من قبل، في ظلال هذه المدرسة، فمن المرجح أن يتلقى إبراهيم فيها العلوم الأساسية كحفظ القرآن الكريم وقسط كبير من السنة والمتون المشهورة، كما جرت على ذلك سنة العلماء قديماً وحتى زمن قريب، ولا سيما أنه توافر له ما لم يتوافر للكثير من طلاب العلم، فلأسرة عريقة في العلم، وتقوم على معقله، مع ما نسب إليها من صلاح وتقى وحب للعلم.
ولعل مما يدل على صدق هذا الحدس، ما سنقف عليه -إن شاء الله تعالى- عند الحديث عن شرحه للألفية من قوة استحضار للآيات القرآنية في الاستشهاد للقضايا النحوية والصرفية.
ب أخلاقه:
لم تأخذ سيرة الشيخ إبراهيم بن محمد بن قيم الجوزية حظها من الذيوع والشهرة، وهذا شأن كثير من العلماء، ولا سيما أن بعضهم كان يتحاشى الشهرة والظهور في أعماله، حرصاً على سلامتها من داء الرياء، فإذا انقضت