عادة طلاب العلم في عصره وصره، واستتبع ذلك دراسة القراءات وحفظ ما تيسر له من المتون المختلفة، ولا سيما متون النحو واللغة، وقد ذكره ابن الجزري -في طبقات القراء- فقال:"قد شاع عند كثير من منتحلي العربية أن ابن مالك لا يُعرف له شيخ في العربية ولا في القراءات ولي كذلك، بل قد أخذ العربية _في بلاده عن ثابت بن خيار، وحضر عند الأستاذ أبي علي الشلوبين نحو العشرين يوماً".أ. هـ.
[المبحث الخامس: رحلته وأثرها فيه]
ولد ابن مالك في الأندلس، وقضى باكورة شبابه فيها في حين لم تكن فيه الأحوال السياسية مستقرة، فقد كان الصراع على أشده بين المسلمين والإفرنج، تبع ذلك تساقط البلاد الإسلامية بعد حروب طاحنة كانت الدولة فيها للإفرنج على من عاصرهم من ملوك الموحدين، وعلى {اسهم الناصر بن يعقوب الذي ولى الأندلس بعد وفاة أبيه سنه ٥٩٥ هـ.
لذا يمكن القول بأن تلك الفتن والاضطرابات السياسية كانت من بين أسباب ارتحال ابن مالك إلى المشرق إن لم تكن أهم تلك الأسباب، كما أن الرغبة في زيارة الديار المقدسة، والشغف بمشاهدة مواقع التنزيل، ومصدر إشعاع الحضارة الإسلامية، أمور تستحث طلاب العلم -عامة- فضلاً عن ابن مالك، ذلك الشاب المتوقد الذهن، الولوع بالعلم ومصاحبة العلماء.
لذا نجد ابن مالك يزمع الرحلة إلى المشرق، وتتم تلك الرحلة، ويؤدي