فريضة الحج، ثم يلحق بالشام بيد أن الأحوال السياسية فيه لم تكن بأسعد حالاً ولا أهدأ بالا من بلاد الأندلس، فقد كانت البلاد الشامية في فتن وحروب دامية بين الصلبين والتتار من جهة، وبين الدولة الأيوبية التي دب الخلاف فيها بعد موت صلاح الدين بسبب النزاع بين أبنائه الثلاثة وأخيه على السلطة من جهة أخرى.
ويظل ابن مالك يطوف بالبلاد الشامية وينتقل بين حواضرها: دمشق، وحلب، وحماة، وبعلبك، ويستقر به المطاف في دمشق، على ما ذكره الرواة، فقد ذكر ابن الجزري أنه قدم دمشق، ثم توجه إلى حلب فنزل فيها وفي حماة، واُخِذَ عنه بهذين البلدين، ثم قدم دمشق مستوطنا.
ولقد كان لارتحال ابن مالك من بلاد المغرب إلى بلاد المشرق أثر كبير في ملامح حياته، في أخلاقه ومذهبه، وسلوكه، فقد كان قبل رحيله، مالكي المذهب، وذلك لسيادة المذهب المالكي في تلك البلاد فلما استوطن المشرق عدل عن مذهبه وأخذ بمذهب الشافعي، أما عن أخلاقه وسلوكه فقد قال الصفدي عنه:"إن ابن مالك انفرد عن المغاربة بشيئين: الكرم ومذهب الشافعي".