تميز به، أن كل باب فيه مفتتح بتمهيد يسير -وقلما فاته ذلك- يذكر فيه الحد الاصطلاحي لذلك الباب، ومحترزاته، أو شروطه، أو اشتقاقه، أو سبب إعمال أو إهماله، أو تسميته بذلك الاسم، ونحو ذلك، مما تدعو الحاجة إلى معرفته، فإذا شرع في الشرح تحدث بحسب ما يمليه عليه اجتهاده، ممثلاً للمسائل بأمثلة الناظم نفسها، وكثيراً ما يزيد عليها رغبة في التوضيح، وأما ما يتعلق بآراء الناظم، فإنه يوردها، وقد يستعين في توضيحها بما صرح به صاحبها في كتبه الأخرى، فإن ارتضاها أقرها وأمرها، وإلا اعترض عليها، فردها أو أوهنها، كما تقدم في اعتراضاته.
وكذلك صنع بكثير من الآراء النحوية الأخرى، فما ارتضاه منها بنى عليه قوله، وما عداه نبه على ضعفه، أو حكم برده، ذاكراً أعيان المخالفين أحياناً، وقد يكتفي بالحكم على القول من غير تعرض لصاحبه، كما تقدم في اعتراضاته -أيضاً-، وكثيراً ما يعتمد على رأي معين ويغفل ما عداه، مما قد يظن معه أن المسألة محل اتفاق، كقوله في باب المعرب والمبني:"فالأصل في السم الإعراب، وبناؤه عارض، والفعل عكسه".أ. هـ. فهذا قول البصريين، وأما الكوفيون فيذهبون إلى الإعراب أصل في الاسم والفعل، كما هو موضح في موضعه.
- وكقوله -في حكم الفصل بين فعل التعجب ومعموله-: "فلا يفصل بينهما بغير الظرف والجار والمجرور".أ. هـ. وقد ذهب الأخفش والمبرد وأكثر البصريين إلى منع الفصل بينهما مطلقاً، كما هو موضح في موضعه.