سيقف على كثير من السمات التي اتصف بها مصنفات هذا العلم، فمن أبرز تلك السمات ميل ابن مالك إلي الابتكار، فبينما نجد صاحب الكتاب -رحمه الله- قد قسم النحو إلى أبواب، والزمخشري قد قسمه إلى فصول في كتابه المفصل، وكذلك فعل ابن الحاجب في كافيته، وهذه الكتب الثلاثة من أهم كتب النحو السابقة لابن مالك، نجد ابن مالك يستعمل كلا المصطلحين جاعلاً "الباب" لرؤوس المسائل، و"الفصل" لما يندرج تحت تلك المسائل ويتفرع عنها.
وكذلك نجده ينهج في ترتيب أبوابه منهجاً تعليمياً يعتمد على المناسبة والارتباط.
كما نجده يسلك منهج النظم في ضبط العلوم إدراكاً منه لما للنظم من ميزة على النثر، فقد لجأ ابن مالك إلى هذه الوسيلة -أعني النظم- المشوقة المعينة على حفظ العلوم ونقلها ودرج على ذلك في معظم مؤلفاته، فقد استطاع -بما آتاه الله من قوة القريحة الشعرية- أن يسخر قوالب الشعر لخدمة القضايا العلمية، فكان ذلك دعماً لما يسمى بالشعر التعليمي.
أقول: دعماً، لا اختراعاً، لأن ابن مالك قد سُبق في هذا المجال، فقد نظم الشاطبي المتوفي سنة: ٥٩٠ هـ قصيدة في القراءات سماها: "حرز الأماني ووجه التهاني"، كما نظم ابن معطي المتوفى سنة ٦٢٨ هـ منظومته القيمة في النحو المسماة:"الدرر الألفية في علم اللغة العربية"، التي أفاد منها ابن مالك كثيراً، وأشار إليها في خلاصته المسماة:" ألفية ابن مالك"، وكذلك نظم ابن الحاجب