للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيا أيها الغافل! تنبه لرحيلك ومسراك، واحذر أن تسلب على موافقة هواك.

قَدْ آنَ بَعْدَ ظَلامِ الجَهْلِ إِبْصَارِي ... الشَّيْبُ أَصْبَحْ يُنَاجِيني بِإِسْفَارِ

لَيْسَ السَّعِيدُ الَّذِي دُنْيَاهُ تُسْعِدُهُ ... إِنَّ السَّعِيدَ الَّذِي يَنْجُو مِنَ النَّارِ

لقد بلغت المواعظ، وبلغت أي بلاع، وأي بلوغ وأنت تتلون هكذا وهكذا ثم تروغ! إياكَ وسؤرَ الهوى، فسؤرُ الهوى ما يسوغ.

إخواني! سلوا المقابر بألسنةِ الفِكْرة، تجيبكم بألسنةِ العِبْرة، أما يكفي العاقلَ تجاربُه؟! أما [أ] يقظَ الفطنَ نوائبُه؟! غلبَ الموتُ فمن ذا يغالبه؟! قهر الخلق فمن ذا يحاربُه؟!

كأنكم به قد دبَّتْ عقاربُه، قل للمفرِّطِ، وقد حانتْ مصائبُه: القلبُ غائبٌ فكيف تعاتبه؟!

وَمَكَاسِبُ الدُّنْيا وَإِنْ كَثُرَتْ فَما ... تبقى سِوَى تَبِعَاتِهَا وَالمَأْثَمِ

فَعَلَيْكَ بِالفِعْلِ الجَمِيلِ فَإِنَّهُ ... أُنْسُ المُقِيمِ غَداً وَزَادُ المُعْدِمِ

يا قليلَ النظر في أمرِه، يا غافلاً عن ذكرِ قبره، أما نقل الموتُ واحداً واحداً؟ وها هو قد أضحى نحوَكَ قاصداً، كم سلب ولداً، وأخذَ والداً! إِلَى متى تصبح جاهلاً، وتمسي مارداً؟ وتُحَضُّ علئ النهوض،

<<  <   >  >>