للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُقَلَاءِ بَلْ هُوَ فَقِيرٌ أَبَدًا غَيْرُ وَاصِلٍ إِلَى غَرَضٍ مِنْ أَغْرَاضِهِ، إذْ مَا بِيَدِهِ مِنَ الْمَالِ الْمُوَصِّلِ لَهَا لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ، فَأَشْبَهَ خَازِنَ مَالِ غَيْرِهِ وَلَا مَالَ لَهُ فَكَأنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِهِ منه شئ، وَالْمُنْفِقُ مَلِيٌّ غَنِيٌّ بِتَحْصِيلِهِ فَوَائِدَ الْمَالِ وإن لم يبق في يده من المال شئ.

فانظر سيرة نبينا صلى اللَّه عليه وسلم وخلقه في المال تَجِدْهُ قَدْ أُوتِيَ خَزَائِنَ الْأَرْضِ وَمَفَاتِيحَ الْبِلَادِ وَأُحِلَّتْ لَهُ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تُحَلَّ لِنَبِيٍّ قَبْلَهُ وَفُتِحَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَادُ الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ وَجَمِيعُ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَمَا دابى ذَلِكَ مِنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَجُلِبَتْ إليْهِ مِنْ أَخْمَاسِهَا وَجِزْيَتِهَا وصدقاتها مَا لَا يُجْبَى لِلْمُلُوكِ إِلَّا بَعْضُهُ، وَهَادَتْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مُلُوكِ الْأَقَالِيمِ فما استأثر بشئ مِنْهُ وَلَا أَمْسَكَ مِنْهُ دِرْهَمًا بَلْ صَرَفَهُ مَصَارِفَهُ وَأَغْنَى بِهِ غَيْرَهُ وَقَوَّى بِهِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ (مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لي أُحُدًا ذَهَبًا يَبِيتُ عِندِي مِنْهُ دِينَارٌ إِلَّا دِينَارٌ أرْصُدُهُ لِدَينٍ) وَأَتَتْهُ دَنَانِيرُ مَرَّةً فَقَسَمَهَا وبقيت


(قوله وَجَمِيعُ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ) قال الأصمعى هو ما بين أقصى عدن إلى ريف العراق في الطول ومن جدة وما والاها إلى أطراف الشام في العرض، وقال أبو عبيدة هو ما بين حفر أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ إلى أقصى اليمن في الطول وما بين رمل سر من رأى إلى منقطع السماوة في العرض (قوله من الشأم) بهمزة ساكنة وقد تخفف وتذكر وتؤنث ويقال أيضا شآم بفتح الأول والثانى على وزن فعال والمشهور أن حده من العريش إلى الفرات طولا وقيل إلى نابلس ومن جبل طيئ من نحو القبلة إلى نحو الروم وما يسامت ذلك من البلاد.
قال ابن عساكر في تاريخه دخول الشام عشرة آلاف عين رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم (قوله لو أن لى أحد) بضم همزة والمهملة جبل معروف بالمدينة.
(*)