للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْهَا سِتَّةٌ فَدَفَعَهَا لِبَعْضِ نِسَائِهِ فَلَمْ يَأْخُذْهُ نَوْمٌ حَتَّى قَامَ وَقَسَمَهَا وَقَالَ: (الآنَ اسْتَرَحْتُ) وَمَاتَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ فِي نَفَقَةِ عِيَالِهِ وَاقْتَصَرَ مِنْ نَفَقَتِهِ وَمَلْبَسِهِ وَمَسْكَنِهِ عَلَى مَا تَدْعُوهُ ضَرُورَتُهُ إليْهِ وزهد فيما سِوَاهُ، فَكَانَ يَلْبَسُ مَا وَجَدَهُ فَيَلْبَسُ فِي الْغَالِبِ الشَّمْلَةَ وَالْكِسَاءَ الْخَشِنَ وَالْبُرْدَ الْغَلِيظَ وَيَقْسِمُ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ أَقْبِيَةَ الديباج المخوصة بِالذَّهَبِ وَيَرْفَعُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْ، إذِ الْمُبَاهَاةُ فِي الْمَلابِسِ وَالتَّزَيُّنُ بِهَا لَيْسَتْ مِنْ خِصَالِ الشَّرَفِ وَالْجلَالَةِ وَهِيَ مِنْ سِمَاتِ النِّسَاءِ، وَالْمَحْمُودُ مِنْهَا نَقَاوَةُ الثَّوْبِ وَالتَّوَسُّطُ فِي جِنْسِهِ وَكَوْنُهُ لُبْسَ مِثْلِهِ غَيْرُ مُسْقِطٍ لِمُرُوءَةِ جِنْسِهِ مِمَّا لَا يُؤَدِّي إِلَى الشُّهْرَةِ فِي الطَّرَفَيْنِ وَقَدْ ذَمَّ الشَّرْعُ ذَلِكَ، وَغَايَةُ الْفَخْرِ فِيهِ فِي الْعَادَةِ عِنْدَ النَّاسِ إِنَّمَا يَعُودُ إِلَى الفَخْرِ بِكَثْرَةِ الْمَوْجُودِ وَوُفُورِ الْحَالِ وَكَذَلِكَ التَّبَاهِي بِجَوْدَةِ الْمَسْكَنِ وَسَعَةِ الْمَنْزِلِ وَتكْثِيرِ آلاتِهِ وَخَدَمِهِ


(قوله ودرعه مرهونة) الدرع بكسر الدال المهملة وسكون الراء: الزردية، مؤنثة، والجمع القليل أدرع وأدراع، فإذا كثرت فهى الدروع وتصغيرها دريع على غير قياسه لأن قياسه بالهاء، وحكى أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ الدرع يذكر ويؤنث، وأما درع المرأة - وهو قميصها - فمذكر والجمع أدراع، وكان له صلى الله عليه وسلم سبع أدراع: ذات الفضول سميت بذلك لطولها أرسلها إليه سعد بن عبادة حين سار إلى بدر، وفى الهدى لابن قيم الجوزية إنها التى رهنها صلى الله عليه وسلم وذات الوشاح وذات الحواشى والسعدية والفضة أصابها من بنى قينقاع، ويقال السعدية كانت درع داود التى لبسها لقتال جالوت البتراء والجونق (قوله المخوصة) بضم الميم فمعجمة مفتوحة فواو مشددة مفتوحة: أي المنسوجة بالذهب كخوص النخل قاله ابن الأثير (قوله نقاوة الثوب) النقاوة - بفتح النون - النظافة، وبضمها.
الخيار (قوله وسعة المنزل) بفتح السين المهملة (*)