للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاصْطُفِي مِمَّن عُرِف بِكُفْر وَإشْرَاك قَبْل ذَلِك وَمُسْتَنَد هَذَا الْبَاب النَّقْل وَقَد اسْتَدَلّ بَعْضُهُم بأن الْقُلُوب تَنْفِر عَمَّن كَانَت هَذِه سَبِيلُه وَأَنَا أقُول إن قُرَيْشًا قَد رَمَت نَبِيَّنًا بِكُلّ مَا افترته، وغير كُفّار الْأُمَم أنْبِيَاءَهَا بِكُلّ مَا أمْكَنَهَا وَاخْتَلَقَتْه مِمَّا نَصّ اللَّه تَعَالَى عَلَيْه أَو نَقَلَتْه إلَيْنَا الرُّوَاة وَلَم نَجِد في شئ من ذلك تعييرا لِوَاحِد مِنْهُم بِرَفْضِه آلِهَتَه وَتَقْرِيعِه بِذَمَّة بِتَرْك مَا كَان قَد جَامَعُهُم عَلَيْه وَلَو كَان هَذَا لَكَانُوا بِذَلِك مُبَادِرِين وبتَلَوَّنُّه في معبوده محتجين ولكان توبيخهم له بنهيهم عما كان يعبد قبل أفظع وأقطع في الحجة من تَوْبِيخِه بِنَهيهم عَن تَرْكِهِم آلِهَتَهُم وَمَا كَان يَعْبُد آبَاؤُهُم من قَبْل فَفِي إطْبَاقِهِم عَلَى الْإعْرَاض عَنْه دَليل عَلَى أَنَّهُم لَم يَجِدُوا سَبيلًا إليْه إذ لَو كَان لنُقِل وَمَا سَكَتُوا عَنْه كَمَا لَم يَسْكُتُوا عِنْد تَحْويل القِبْلة وقالوا مَا وَلَّاهُم عَن قِبْلَتِهِم التي كَانُوا عَلَيْهَا كَمَا حَكَاه اللَّه عَنْهُم وَقَد اسْتَدَلّ الْقَاضِي الْقُشَيْرِيّ عَلَى تَنْزِيهِهِم عَن هَذَا بِقَوْلِه تَعَالَى (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ) الآيَة وبِقَوْلِه تَعَالَى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ) إِلَى قَوْله: (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ولتنصرنه) قَال وطَهَّرَه اللَّه فِي الْمِيثَاق وَبعِيد أن يَأخُذ مِنْه الْمِيثَاق قَبْل خَلْقِه ثُمّ يَأْخُذ مِيثَاق النَّبِيّين بالإيمَان بِه ونَصْرِه قَبْل مَولِدِه بِدُهُور وَيَجُوز عَلَيْه الشّرْك أَو غَيْرِه مِن الذنوب، بهذا مَا لَا يُجَوّزُه إلا مُلْحِد، هَذَا مَعْنَي كَلَامِه، وكيف يَكُون ذَلِك وَقَد أتاه جِبْرِيل عَلَيْه السَّلَام وَشَقّ قَلْبَه صَغِيرًا وَاسْتَخْرَج مِنْه عَلَقَة وَقَال هَذَا حظ


(قوله وَقَد اسْتَدَلّ الْقَاضِي القشيرى) هو الْإِمَامُ أَبُو نَصْرِ عبد الرحيم ابن الأستاذ أبى القاسم عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ هوازن القشيرى النيسابوري انتفع على والده وعلى إمام الحرمين وتوفى سنة أربع وخمسمائة بنيسابور نقل الرافعى عنه في البدل (*)