للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد شبّه الرطب من قلوب الطير بالعناب، واليابس منها بالحشف البالي، فجاء تشبيهه في غاية الجودة.

وكقول الطرماح في وصف ثور وحشي:

يبدو وتضمره البلاد كأنه ... سيف على شرف يسلّ ويغمد

فالثور الوحشي حين يظهر كأنه سيف يسلّ من غمده على مكان عال، وهو حين يخفى كأنه سيف يغمد في غمده.

وكقول البحتري في وصف الندى تحمله شقائق النعمان:

شقائق يحملن الندى فكأنه ... دموع التصابي في خدود الخرائد (١)

فقطرات الندى مشبهة بدموع التصابي، وشقائق النعمان بخدود الحسان.

وكقول بشار بن برد:

كأن مثار النقع فوق رؤوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه

شبّه مثار النقع والغبار فوق الرؤوس بظلمة الليل، وشبّه السيوف بالكواكب وقد كثر تشبيههم شيئين بشيئين حتى لم يصر عجبا.

وكقول آخر:

بيضاء تسحب من قيام فرعها ... وتغيب فيه وهو جثل أسحم

فكأنها فيه نهار ساطع ... وكأنه ليل عليها مظلم

شبّه امرأة بيضاء في شعرها الأسود المسترسل إلى الأرض بالنهار الساطع وشبّه شعرها الكثيف الملتف على رأسها بالليل المظلم.


(١) الخرائد: جمع خريدة، وهي من النساء البكر التي لم تمسّ قطّ.

<<  <   >  >>