أشعارهم» ومعنى هذا أن أقصى ما وصل إليه الشعراء هو تشبيه خمسة أشياء بخمسة أشياء في بيت واحد، وأن هذا النوع نادر في الشعر العربي.
وهكذا نرى أن بعض الشعراء قد أكثروا من التشبيهات في البيت الواحد ولكن الولع بهذا اللون من التشبيه ومحاولة إظهار البراعة والافتنان فيه من شأنه أن يؤدي إلى التكلّف الذي يذهب برونق التشبيه ونضارته وتأثيره كما يبدو على بعض هذه التشبيهات.
[محاسن التشبيه]
من بلاغة التشبيه أن يشبّه الشيء بما هو أكبر منه وأعظم، لأن التشبيه لا يعمد إليه إلا لضرب من المبالغة، فإما أن
يكون مدحا أو ذمّا أو بيانا وإيضاحا، ولا يخرج عن هذه المعاني الثلاثة.
وإذا كان الأمر كذلك فلا بدّ فيه من تقدير لفظة «أفعل»، فإن لم تقدّر فيه لفظة «أفعل» فليس بتشبيه بليغ. ألا ترى أنّا نقول في التشبيه المضمر الأداة «زيد أسد» فقد شبّهنا زيدا بأسد الذي هو أشجع منه، فإن لم يكن المشبّه به في هذا المقام أشجع من زيد الذي هو المشبّه كان التشبيه ناقصا إذ لا مبالغة.
ومن التشبيه المظهر للأداة قوله تعالى: وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ، وهذا تشبيه كبير بما هو أكبر لأن السفن البحرية وإن كانت كبيرة فإن الجبال أكبر منها.
وكذلك إذا شبّه شيء حسن بشيء حسن، فإنه إذا لم يشبه بما هو أحسن منه فليس بوارد على طريق البلاغة، وإن شبّه قبيح بقبيح فينبغي أن يكون المشبّه به أقبح.
وإن قصد البيان والإيضاح فينبغي أن يكون المشبه به أبين وأوضح.