ذكرنا عند كلامنا على المجاز اللغوي أنه قسمان: مجاز استعاري، وهو ما كانت علاقته المشابهة، ومجاز مرسل وهو ما كانت علاقته غير المشابهة.
كما ذكرنا أن المجاز اللغوي بقسميه يأتي في المركب والمفرد على السواء، وأن مجيئه في المركب يكون باستعمال التركيب في غير ما وضع له، كقولك لمن يسيء إليك وينتظر منك حسن الجزاء:«إنك لا تجني من الشوك العنب».
أما مجيئه في اللفظ المفرد فيكون باستعمال الكلمة في غير ما وضعت له أصلا لعلاقة مع قرينة تمنع من إرادة المعنى الأصلي.
ويعرف البلاغيون «العلاقة» بأنها الأمر الذي يقع به الارتباط بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي فيصح الانتقال من الأول إلى الثاني. وهذه العلاقة التي تربط في المجاز بين المعنيين: الحقيقي والمجازي قد تكون «المشابهة» نحو: رأيت زهرة تحملها أمها، تريد: طفلة كالزهرة في نضارتها وجمالها. وقد تكون العلاقة «غير المشابهة» كالجزئية في قوله تعالى: «وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ» يريد: «وصلوا» لأن الركوع جزء من الصلاة، فأطلق الجزء وأراد به الكل مجازا.
أما «القرينة» فعرفها البلاغيون أيضا بأنها الأمر الذي يصرف الذهن عن المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي، وهي إما قرينة عقلية أي حالية نحو:«أقبل بحر» والسامع يرى رجلا، وإما قرينة لفظية نحو:«رأيت بحرا يعظ الناس من فوق المنبر» فعبارة «يعظ الناس من فوق المنبر» قرينة لفظية، تدل على أن لفظة «بحر» استعملت استعمالا مجازيا وتمنع في