ولقد ذكرتك والظلام كأنه ... يوم النوى وفؤاد من لم يعشق
فإنه لما كانت أيام المكاره توصف بالسواد توسعا، فيقال اسودّ النهار في عيني وأظلمت الدنيا عليّ، ولما كان المحب الغزل يفترض القسوة فيمن لم يعشق، وكان القلب القاسي يوصف بالسواد توسعا، تخيّل الشاعر العاشق يوم النوى وفؤاد من لم يعشق شيئين لهما سواد، وجعلهما أعرف به، وأشهر من الظلام فشبهه بهما.
[وجه الشبه من حيث الإفراد والتعدد]
ووجه الشبه قد يكون واحدا حسيا كالحمرة والخفاء وطيب الرائحة ولذة الطعم ولين الملمس، في تشبيه الخد بالورد، والصوت الضعيف بالهمس، والنكهة بالعنبر، والريق بالعنبر، والريق بالخمر، والجلد الناعم بالحرير.
وقد يكون وجه الشبه واحدا عقليا، كالجراءة في تشبيه الرجل الشجاع بالأسد، وكمطلق الهداية في قوله صلّى الله عليه وسلّم:«أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم».
وقد يكون وجه الشبه متعددا حسيا، والمراد بالتعدد هنا أن يذكر في التشبيه عدد من أوجه الشبه من اثنين فأكثر على وجه صحة الاستقلال، بمعنى أن كل واحد منها لو اقتصر عليه كفى في التشبيه. مثال ذلك أن يقال: البرتقالة كالتفاحة في شكلها وفي لونها وفي حلاوتها، وفي رائحتها.
فلو أسقط وجهان من أوجه الشبه هذه لكفى الباقي في التشبيه للإبانة عن قصد المتكلم. وهذا هو وجه الشبه المتعدد.