للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر على خلاف ذلك فهو التشبيه المعكوس أو المقلوب طلبا للمبالغة بادّعاء أن وجه الشبه في المشبه أقوى منه في المشبه به.

وقد شاع ذلك، كما يقول ابن الأثير، في كلام العرب واتّسع حتى صار كأنه الأصل في التشبيه. والواقع أن هذا الضرب من التشبيه حسن الموقع لطيف المأخذ، وهو مظهر من مظاهر الافتنان والإبداع في التعبير.

والشرط في استعمال التشبيه المقلوب ألّا يرد إلا فيما جرى عليه العرف والإلف لدى العرب، وذلك حتى تظهر فيه بوضوح صورة القلب والانعكاس.

على هذا الأساس يحسن التشبيه المقلوب ويقبل، أما إذا ورد في غير المعهود المألوف فإنه يكون معيبا لأن المبالغة فيه تصيبه بالغموض، وتؤدي إلى التداخل بين طرفيه، فلا يعرف أيّهما المشبّه، وأيّهما المشبه به.

ويقرب من هذا النوع ما أطلق عليه «تشبيه التفضيل»، وهو أن يشبّه شيء بشيء لفظا أو تقديرا، ثم يعدل عن التشبيه لادّعاء أن المشبه أفضل من المشبه به. ومن ذلك قول الشاعر:

حسبت جماله بدرا منيرا ... وأين البدر من ذاك الجمال؟

وقول شاعر آخر:

من قاس جدواك يوما ... بالسحب أخطأ مدحك

السحّب تعطي وتبكي ... وأنت تعطي وتضحك

[التشبيه الضمني]

التشبيه الضمني: تشبيه لا يوضع فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه المعروفة، بل يلمحان في

التركيب. وهذا الضرب من التشبيه

<<  <   >  >>